الجزائر: احتجاجات شعبية ضد سياسات الدولة التنموية والثقافية
Sep 2018ألغت السلطات الجزائرية حفلاً غنائياً لموسيقى الراي كان من المقرر نهاية شهر تموز/ يوليو في ولاية ورقلة (900 كم جنوب العاصمة)، وذلك عقب احتجاجات شعبية رفعت شعارات دعم التنمية وتحسين خدمات السكان بدلاً من الإنفاق على حفلات الغناء وفقاً لما جاء في لافتات المحتجين وعبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما أقام المحتجون الصلاة أمام خشبة المسرح التي كان من المفترض للمغني قادر الجابوني أن يقدّم حفله عليها.
تفاوتت ردود الأفعال الرسمية والمستقلة حول قراءة ما جرى في ورقلة، ففي حين أعلن مثقفون وسياسيون جزائريون خوفهم من تصاعد الخطاب الإسلامي المتطرف، ومنهم، على سبيل المثال، مديرة صحيفة الفجر الجزائرية، حدة حزام، التي حذرت في مقال افتتاحي من "الخطر الآتي من ورقلة"، ذهب مثقفون آخرون إلى فتح ملف تهميش الأطراف في الجزائر وتحميل الدولة مسؤولية ما وصل إليه الحال في العديد من الولايات الجزائرية.
في حديثها للنشرة الثقافية لقناة دزاير نيوز حول تأزم الوضع الثقافي بالجزائر بتاريخ 13 آب/ أغسطس 2018 قالت الشاعرة والفاعلة الثقافية وعضو مجموعة العمل من أجل سياسة ثقافية جديدة في الجزائر حبيبة العلوي: "أظهرت الخريطة الثقافية في الجزائر، التي أعدتها مجموعة العمل حول السياسة الثقافية في الجزائر، على نحو واضح حجم التصحير الثقافي الذي يعاني منه الجنوب. لماذا إذاً نريد أن نحاسب سكان الجنوب على مقاطعتهم للثقافة في حين أننا صحّرناهم ثقافياً؟ هؤلاء الذين طالبوا بمقاطعة الحفل الغنائي، هل استفادوا من خدمات ثقافية عمومية طيلة العشرين سنة الفائتة؟ (...) من جهة أخرى، لطالما تداولت وسائل الإعلام الجزائرية، ومنها تقارير حكومية، ملفات تشير إلى فضائح فساد في تسيير الشأن الثقافي العام في الجزائر ومنها تظاهرات عواصم الثقافة التي لم يستفد المواطن الجزائري من خدماتها، فكيف لنا أن نتهم هؤلاء المواطنون بأنهم معادون للثقافة؟".
أما خبير السياسات الثقافية عمار كساب فقد كتب في مجلة نفحة الالكترونية بتاريخ 16 آب/ أغسطس 2018: "بدلاً من البحث عن الأسباب الجذرية لظاهرة الاحتجاج على الحفلات الغنائية للمطالبة بالتنمية في جنوب البلاد، انطلق مثقفون في ممارسة الإدانة الموجّهة، بإطلاق النّار على مواطني منطقة فقيرة ومهمّشة رغم أنها تحوي أكبر آبار البترول والغاز. ولم تشفع لهم وضعيتهم البائسة للحصول على تعاطف من يقتاتون على فضلات التطرّف، فنعتوا جميع سكان الجنوب بالإرهابيين. لكن طبعًا، من السّهل مهاجمة من يتواجدون في أسفل سُلم الهيمنة".
يُذكر أن سكان ولاية سيدي بلعباس قاموا أيضاً بتاريخ 2 آب/ أغسطس 2018 بوقفة احتجاجية مطالبين بإلغاء الدورة العاشرة لمهرجان أغنية الراي في الولاية، وأقاموا الصلاة جماعة أمام مقر دار الثقافة “كاتب ياسين” التي تحتضن فعاليات التظاهرة.