مقابلة مع ريم أبو جبر المديرة التنفيذية/ جمعية نوى للثقافة والفنون قطاع غزة/ دير البلح
Sep 2018أجرى اللقاء: صابرين عبد الرحمن
بدأت ريم أبو جبر عملها في المجال الثقافي كمديرة لمركز القطان للطفل في غزة، استلمت عملها في المركز عندما كان عبارة عن مخطط هندسي واستراتيجية، فكان عليها أن تواجه كل التحديات في بناء المركز في وقت يواجه فيه قطاع غزة الإغلاق والحصار والحرب. ومن ثم بناء البرامج الفنية والثقافية والتي تتناسب مع أطفال يواجهون الحروب والأزمات النفسية التي تنتج عنها. والآن، تدير ريم أبو جبر مؤسسة النوى في دير البلح وسط القطاع، وتستمر في عملها الثقافي في مواجهة للاحتلال الإسرائيلي والحصار والانقسام السياسي الفلسطيني.
كيف بدأت عملك في مجال الثقافة والفنون؟ وفي أي المجالات تحديداً؟
أنا ثمرة مكتبة. نشأتُ في دير البلح في وسط قطاع غزة حيث تواجدت مكتبة محلية في حينها، ورغم أنني لم أزر هذه المكتبة في حياتي إلا أنني صادقت الكثير من كتبها التي كان أبي- رحمه الله- يحضرها لنا إلى المنزل بشكل منتظم ومستمر بدلاً من أخذنا – كنا تسعة أطفال- للمكتبة. وتواجدت جدتي معنا في المنزل وأثرت طفولتي بكل قصصها "عن زمان" وقصص شعبية محلية سمعناها لمرات ومرات بشغف وكأنها تروى للمرة الأولى. تربيت في بيئة داعمة بشكل قوي للنساء بداية من والدي واهتمامه بتعليمنا –بناته السبعة- ودعمه لنا على اتخاذ قراراتنا وإيمانه بقدراتنا. وأيضا كنت محظوظة بالعمل عن قرب مع السيد عبد المحسن القطان- رحمه الله- والذى أيضاً آمن بي وبقدراتي وعمل على توفير كل أشكال الدعم اللازم لي لاستمرار تعلمي وعطائي المهني.
التحقت بقسم المكتبات في جامعة القاهرة وبعدها عدت لغزة وبدأت التدريب ثم العمل في مكتبة وكالة الغوث، وهناك حصل معي أول ردة وتناقض بين تصوراتي والواقع، مثلاً كنت أول خريجة تحصل على شهادة في علم المكتبات، عندما عدت كنت صغيرة ولم أمتلك الحكمة اللازمة فلم أتفهم كيف يتعامل الناس مع المكتبة ودورها، مما جعلني أعيد التفكير بدوري في المكتبة. قررت بعدها الانتقال إلى عمل إداري آخر اكسبني خبرات إدارية لا بأس بها.
تجربتك مع مركز القطان للطفل ليست تجربة إدارية فقط، بل هي تجربة تأسيس وتحديات كثيرة، هل تحدثينا عن هذا المرحلة؟
قبل الانضمام إلى فريق عمل مؤسسة القطان، كنت قد قررت بعد 3 سنوات من العمل السفر إلى كندا لإكمال دراستي، وفي ذلك الوقت أعلنت مؤسسة عبد المحسن القطان عن وظيفة مدير مركز القطان للطفل بغزة والذي لم يكن مؤسساً بعد، وعلى الرغم من نيتي السفر إلا أنني قدمت للوظيفة رغم انتهاء موعد التقديم حينها، وتمت مقابلتي واختياري للوظيفة. كان مركز القطان للطفل وقتها عبارة عن سياسات وخارطة هندسية ما إن رأيتها حتى وجدت نفسي لا شعورياً أنتمي لهذا المكان.
بعد 4 شهور من استلامي الوظيفة بدأت الانتفاضة وصار التنقل بين الضفة الغربية وغزة ممنوعاً، وانقطع التواصل الفيزيائي بين المؤسسة في رام الله وبين المركز في غزة، باستثناء بعض الزيارات للسيد عمر القطان، وباستمرار التواصل الهاتفي مع المؤسسة، أصبحت المسؤولة المباشرة عن استكمال تأسيس وتجهيز مركز القطان للطفل في غزة على مدى 5 سنوات. ومما لا شك فيه أنه قد تخلل هذه السنوات الكثير من التحديات منها صعوبة وصول مواد البناء لغزة وتوقف العمل لأشهر أحياناً، تقطيع قطاع غزة جغرافياً لسنوات طويلة أثر على سهولة الوصول لمكان العمل، صعوبة السفر لشراء المواد المكتبية والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة وغيرها.
وكان الدرس الأول أن عملي مع الأطفال وإتاحة فرص مشوقة لهم للتعلم هو نوع من أنواع العلاج الذي بالتأكيد ساعدني على الاستمرار. كنت أشعر أنني "أقوم بواجبي" تماماً كالجندي في المعركة. وكنت راضية عن نفسي وما أفعله وتساءلت أحياناً وما زال السؤال قائماً فيما لو كنا نعمل في ظروف طبيعية، و"بلد طبيعية" هل كنا سنضع كل هذه الجهود؟ ما أقصده أن ظروف التحدى التي نحملها دائماً كفلسطينيين جعلتنا أيضاً نعرف دائماً أننا يجب أن نبذل جهوداً أكثر.
العمل مع الأطفال كانت تجربة أولى لك من خلال مركز القطان للطفل، بعد هذه السنوات ماذا تخبرينا عن العمل مع الأطفال؟
عندما بدأت العمل مع الأطفال في التعليم والثقافة، اكتشفت عظمة وخطر العمل معهم نظراً للأثر الذي يتركه العمل مع الأطفال عليهم. بالتأكيد أن المكتبة والثقافة والفنون تشكل الوعي والاستعداد والاستجابة للمتغيرات المطلوبة. مثلاً: بعد أن أظهرت الإحصائيات أن العلوم أقل الموضوعات التي يقرأها الأطفال، فخصصنا مطوية النشاطات التي تركز على العلوم كل 3 شهور وأثناءها رتبنا فعاليات تتعلق بموضوع العلوم، فلاحظنا زيادة نسبة الإقبال على قراءة مواضيع العلوم في الشهر الأول بنسبة 25% وفي الشهر الثاني 50% فيما زادت في الشهر الثالث عن نسبة 70%، وهذا دليل على الأثر الذي تتركه المراكز الثقافية على الأطفال، وهنا مكمن الخطر! العمل مع الأطفال جميل ومخيف، لأننا اليوم "نصنع" الأطفال لغد لا نعرفه وأيضاً نستطيع أن نؤثر في فكرهم وخياراتهم. وبقي السؤال الأهم، ما الذي نريد أطفالنا أن يتعلموه للمستقبل؟ وكفلسطينيين، ما المعرفة التي نريد لأطفالنا أن "يحملوها" عن فلسطين القضية؟
عملتِ سواء من خلال مركز القطان للطفل أو في عملك الحالي في موضوع الدعم النفسي من خلال الفنون للأطفال خاصة بعد ثلاث حروب منذ 2008؟ كيف ترين تجربة الدعم النفسي من خلال الفنون في غزة؟
بدأت أول دورة في العام 2008 حيث كانت الطرق بين المناطق في غزة مغلقة وكان الانقطاع تام بين الناس، وكان الاعتداء الاسرائيلي 2008 وحشياً وبشكل صادم، لأنه طال كل الناس وكل شيء، كل شيء كان تحت النار! للمرة الأولى أشعر أنه لا شيء ولا مكان آمن، أثناءها كنا وبشكل فردي نقدّم إرشادات للأهالي عن كيفية التصرّف مع الأطفال، ولأنني، ككلّ الناس لم أستطع التنقل، بقيت على تواصل هاتفي حسب توفر الاتصالات مع مدير برنامج غزة للصحة النفسية الدكتور أحمد أبو طواحين ليعلمني ما يجب عمله مع الأطفال عندما ينتهي هذا الاعتداء، وبناء على ذلك وضعتُ خطتي الأولى لتقديم الدعم النفسي للأطفال لما بعد انتهاء الاعتداء الإسرائيلي.
كنا نفكر كيف يستطيع أشخاص عاشوا الحرب وبحاجة لدعم نفسي تقديم المساعدة والدعم للآخرين، فبدأنا الترتيب لجلسات دعم نفسي للموظفين أولاً، والمفارقة المضحكة أن من قدموا جلسات الدعم النفسي للموظفين كانوا أيضاً بحاجة لدعم نفسي، لكن في حينها لم يستطع أحد الوصول من خارج غزة. بعد فترة قصيرة بدأ بعض المتضامنين المختصين الأجانب الوصول لغزة وبدأوا بتقديم الدعم النفسي، منهم وفد ألماني من مؤسسة والدورف شتاينر، حيث كان لديهم قسم للأطفال المتضررين من الحروب والأزمات. شكل التربويون من مؤسسة شتاينر مصدراً مهماً لنا للتعلّم؛ فتعلّمنا كيف نستخدم القصة والألعاب الحركية والشعبية كعلاج، وكيفية ربط البيئة المحيطة ببيئة التعلّم للطفل، تلك الفترة جعلتني أفكر عن انفصال المجتمع الفلسطيني عن رصيده المرتبط بالهوية والتراث من أغاني وألعاب وغيرها، وكيفية إعادة هذا الرصيد كمصدر للتعلّم.
إضافة لموضوع الدعم النفسي من خلال الفنون، ما هي البرامج التي عملتم بها في مركز القطان للطفل؟
كان التركيز من خلال مركز القطان للطفل وبشكل رئيسي على حب القراءة خاصة مع بدء الحصار والمنع من السفر. "بدنا نتواصل مع العالم" هذه العبارة من أكثر العبارات التي كانت تتكرر على لسان الأطفال، وكانت تلفت انتباهي بشكل قوى وخاصة عندما لاحظنا إقبال الأطفال الهائل على تعلم التكنولوجيا باعتبارها بوابة وحيدة للتواصل. ركزنا أيضاً على الفنون والموسيقى والمسرح؛ وقدم الأطفال عروضهم بشكل مذهل أعطتهم -وأعطت الكثيرين- الثقة بالنفس وبالأمل والفرح.
في ظل الحصار، هل واجهتم صعوبة بتوفير أشخاص متخصصين في المجالات الفنية المختلفة للعمل معهم؟
في بدايات العمل لم نواجه تحديات فيما يتعلق بتوفير المتخصصين في الفنون، لكن بعد فترة بدأنا نشعر بأننا بحاجة إلى مهارات متقدمة وخبراء لتعليمنا كيف نقدّم دعم نفسي باستخدام الفنون والثقافة بطريقة صحيحة، برأيي كانت الجلسات التي تُقدم للأطفال وبغضّ النظر عن مستوى الفنانين، كان فيها نسبة عالية من الارتجال وعدم التخصص، وهذا يضر أكثر مما ينفع. إضافة إلى قصر برامج الدعم النفسي؛ فتقديم دعم نفسي لـ3 شهور لم تكن فترة كافية لتحقيق نتائج مرضية على أرض الواقع.
إضافة للحصار، كيف أثر الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة على الوضع الثقافي في غزة؟
بدايةً، وجهة نظري الحازمة جداً أن أي شخص يعمل في التعليم أو مع الأطفال يجب أن يكون مستقلاً سياسياً. عندما نقوم بتقديم خدمات ثقافية تعليمية فنيه أو غيرها مع الأطفال لا يجب على الإطلاق أن يكون للاعتبارات العائلية والسياسية والانتماء الحزبي علاقة بالموضوع، يجب أن نسأل أنفسنا وباستمرار ما الذي نريد أن يحمله أطفالنا إلى الغد وماذا عليه كفلسطيني أن "يحمل". يجب أن ترتبط خياراتنا بالقيم الإنسانية التي تجمع البشر على اختلاف ألوانهم ودياناتهم لكي نساهم نحن أيضاً في ازدهار الحياة الإنسانية. للأسف هذه أخطر نقطة واجهتنا كفلسطينيين بعد الانقسام، تأثرت خيارات الناس وفقدنا إلى حد كبير البوصلة الوطنية والإنسانية.
من جهة ثانية، برأيي الانقسام ليس سياسياً فقط بل ثقافي أيضاً، لذلك من المهم جداً بناء برنامج أحبّ أن أسميه (Palestine Literacy) أي محو الأمية فيما يتعلق بفلسطين، من نواحي التاريخ والجغرافيا والثقافة وغيرها، لكن هذا يحتاج إلى حوار على مستوى الناس الفاعلين أو المؤثرين، برأيي مشكلة كبيرة أن لا يعرف أهل الضفة الغربية عن غزة، ولا يعرف أهل غزة عن الضفة الغربية والقدس، دورنا أن نركز على العناصر التي تجمع الناس وتعيدهم إلى هويتهم ووجودهم.
كيف يمكن لك أن تصفي لنا وضع المكتبات في غزة؟
المكتبات في غزة متواضعة وبسيطة من حيث إمكانياتها، معظم المكتبات تعتمد على مجموعة مقتنيات قديمة، ومن المهم رفد المكتبات بالكتب الصادرة حديثاً، لكن لتوفير كتب حديثة نحتاج إلى سوق وموارد، إضافة إلى أن الحصار يتسبب في تعطيل وصول الكتب إلى غزة.
في العام 2012، قررتِ التوقف عن العمل في مركز القطان للطفل، لماذا كان الانسحاب؟ وإلى ماذا كنت تخططين؟
بداية في العام 2011 حصلت على وسام الاستحقاق الوطني من الرئيس الفرنسي حينها برتبة فارس وذلك عن عملي في مجال الثقافة مع الأطفال في غزة، وتم تسليمي الجائزة في عيد الاستقلال الفرنسي.
وعلى الرغم من النجاح الذي أحدثه مركز القطان على الناس والأطفال، وعلى الرغم من تجربتي التعلمية الممتعة في المركز وفي غزة ومع الأطفال، كان دائماً لدي هاجس بأنني قد أكرر نفسي وهذا خطر كبير. لم أكن أخطط لشيء معين وقررت أن أتوقف عن العمل وأن آخذ فترة هدوء لا أعمل خلالها لاحقاً استمرت لسنتين متواصلتين تخللهما الكثير من السفر.
في عام 2014 قررت البدء من جديد بالعمل الثقافي مع الأطفال في وسط ازدادت به التحديات، وقررت البدء من مسقط رأسي دير البلح. تعتبر دير البلح من المناطق الفقيرة في غزة ليس فقط اقتصادياً ولكن أيضاً فقيرة على مستوى الخدمات والجمعيات العاملة والمراكز الخدماتية.. الخ. اعتمد أهلها على الزراعة بشكل مباشر وتأثروا بشكل كبير بتدهور الظروف الاقتصادية في غزة. قمت أنا ومجموعة من الأصدقاء والمتطوعين/ات بتأسيس جمعية نوى للثقافة والفنون في دير البلح، وكان لتجربتي السابقة مع القطان أثر في تطوير تجربة النوى. عندما بدأنا في دير البلح لم يكن هناك أي مؤسسة تعمل ثقافياً مع الأطفال، اعتمدنا في التأسيس على ريع روضة أطفال كنت قد أسستها سابقاً بشكل شخصي كصدقة جارية عن روح أبي وأمي وعلى مساعدات من أصدقاء وأفراد حول العالم.
جمعنا الكتب من متبرعين ورتبنا مقر الجمعية بجهود شباب متطوعين، وبعد شهر من افتتاح الجمعية انضم للمكتبة ما يقارب الـ 150 طفلاً. بدأ الاعتداء الإسرائيلي في الشهر الثاني من تأسيس الجمعية واستمرت لـ 51 يوماً، هذا الاعتداء قتل كل شعور بالأمان، كان خوفي ليس فقط من فكرة الموت، بل كنت خائفة أن أفقد إنسانيتي بسببها، أن أكره أو أن أفقد إيماني بالناس، كان هذا شيئاً مرعباً. الآن تبدو فكرة الموت أسهل بكثير.
واجهنا حينها تحدياً كبيراً؛ كيف نتعامل مع كل هاد الحزن؟ لم يكن الموضوع سهلاً! انتهى الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة وبدأت النوى تقدم خدماتها بما فيها بالضرورة الدعم النفسي للأطفال وتعاوننا مرة أخرى مع التربويين من مؤسسة شتاينر للعمل مع الأطفال المتضررين والأهالي. قدم فريق شتاينر دعماً نفسياً لفريق النوى بشكل خاص وللأطفال في الكثير من المناطق المهمشة، وما زال برنامج الدعم النفسي مستمراً حتى اللحظة بأدوات ومناهج محددة ومرتبطة بتقنيات والدورف شتاينر وبالثقافة والهوية الفلسطينية، هذا جهد كبير ويحتاج بالتأكيد إلى جهات تتحد سوياً من أجل استخدام تراثنا وهويتنا في برامج الدعم النفسي خاصة للأطفال.
ما هي برامج العمل في جمعية النوى منذ العام 2014؟
حالياً لدينا مكتبة في مقام الخضر وهو واحد من أقدم الأديرة المسيحية في فلسطين ويقع في دير البلح، حينها توجهتْ لنا مجموعة شبابية (فريق ديرنا الشبابي) من المنطقة وعرضوا فكرة ترميمه، زرت المكان وقررنا إعادة تأهيله ليناسب فكرة إنشاء مكتبة للأطفال، بدأنا بحملة تمويل من أفراد، وجمعنا حوالي خمسين ألف دولار كانت كلها لصالح المكتبة في حين كان عملنا جميعاً بشكل تطوعي، وفي وقت قليل أقنعنا اليونسكو بترميم المكان وقد أشرف على ترميمه مؤسسة رواق ومركز إيوان. حالياً تقدم مكتبة الخضر للأطفال خدمات قراءة وفنون ولقاءات مع الأهالي ونربطهم جميعاً بالممارسات البيئية الصديقة وكيفية تسخير الموارد في البيئة المحيطة للعمل، ننظم رحلات وأنشطة جمع للتاريخ الشفوي حيث يشارك الأطفال بجمع تاريخ الخضر الشفوي من قصص كبار السن في غزة.
قامت النوى بتأسيس وبناء معرض النوى للعلوم وروضة الحكايات ومركز النوى الثقافي ومنتزه النوى. تستقبل النوى آلاف الأطفال بشكل مستمر بالإضافة الى أهاليهم والتربويين العاملين مع الأطفال.
في الفترة الأخيرة بدأت أجواء المصالحة بين سلطتي الضفة الغربية وغزة تتجه نحو الإيجابية، وزار وزير الثقافة قطاع غزة واستلم ملف الوزارة هناك، هل تعتبر هذه الزيارة مؤشراً إيجابياً على الشأن الثقافي في غزة؟
عندما تم الحديث عن المصالحة، فرح الفلسطينيون في غزة كثيراً صار لديهم أمل بأن يعودوا ليعيشوا حياة طبيعية؛ يسافروا ويتعلموا ويعملوا، ليس فقط العاملون في الثقافة والذين خسروا الكثير من فرص المشاركة في معارض وفعاليات فنية وثقافية على مستوى العالم بسبب الحصار، بل كل الناس. لكن على أرض الواقع، لست متفائلة للأسف وأتمنى أن أكون مخطئة. كل المؤشرات تقول أننا باتجاه انفصال طال الناس العاديين وليس فقط المؤسسات الرسمية. الانقسام أدى إلى خطط استراتيجية منفصلة بين غزة والضفة بدون مشاركة من الجميع. كيف لي كمؤسسة أن أعمل لتحقيق تنمية على المدى الطويل في هذه الأجواء؟ ما نعرفه أننا يجب أن نستمر في أن نحافظ على القيم الإنسانية العالمية وأن تبقي أعيننا على الناس واحتياجاتهم واستمرار محاولاتنا للتمكين الفكري والثقافي للأطفال دون الانخراط في فكرة الانقسام وأن نبقي أبوابنا مفتوحة للجميع بلا تمييز.