فلسطين: الفنان المسرحي رياض مصاروة يحوز شخصية العام 2015 الثقافية
Apr 2015الأيام / جريدة يومية سياسية / يوسف الشايب
1 نيسان/ أبريل 2015
اختارت وزارة الثقافة، في حفل احتضنه قصر رام الله الثقافي، مساء أمس، الكاتب والفنان المسرحي الفلسطيني رياض مصاروة، شخصية العام الثقافية، وذلك بمناسبة يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية، والذي اعتادت الوزارة فيه، خلال السنوات الخمس الأخيرة على إعلان شخصية العام الثقافية فيه، كما تم تكريم عدد من المؤسسات الثقافية والفنية والمجتمعية لدورها الفاعل على المستويين المحلي والعربي، وهي: مسرح نعم في الخليل، وفرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، ومعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، وبلدية رام الله.
وأشار وليد عبد السلام، مدير عام الإدارة العامة للفنون في وزارة الثقافة، إلى أن حياة مصاروة كما مسيرته المسرحية لم تكن مفروشة بالورود، لافتاً إلى أن عمله الأول المقتبس عن رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس"، ما كان ليرى النور، لولا المعارك الكبيرة التي خاضها المبدع الراحل توفيق زياد في مواجهة سلطات الاحتلال، لافتاً إلى أن عطاء مصاروة الذي يقترب من السبعين لا يزال يتواصل فهو يعد لكتاب حول تطور نظريات المسرح، ولمسرحية جديدة.
من جانبه، وبعد أن عبر عن سعادته بالجائزة، قال: لم يتصور طفل بيت الطين آنذاك أن يقف مكرماً كشخصية ثقافية، تكريمكم لي تكريم لمشروع حضاري كان لي الشرف أن أكون جزءاً منه، ألا وهو مشروع المسرح الفلسطيني، ولجيل ما بعد النكبة الذي سعى لبناء هذا المشروع في الوطن السليب، وفي الشتات، رغم النكبات المتتالية على الشعب الفلسطيني.
وطالب مصاروة الجهات المعنية في دولة فلسطين بضرورة الإسراع بالنهوض بالمسرح، عبر إنشاء المسرح القومي الفلسطيني، ومأسسة أكاديميات للمسرح، خاصة أن المسرح الفلسطيني، ورغم كل الصعوبات فرض احترام الجميع له في الداخل والخارج، واستطاع التصدي إلى الفعل النكبوي ومآسي الاحتلال المستمرة وأفاعيله بحق الشعب الفلسطيني.
وكان د. علي أبو دياك، أمين عام مجلس الوزراء، افتتح الحفل الذي يأتي أيضاً بمناسبة يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية، بكلمة أكد فيها أهمية ما قام بها المبدعون الفلسطينيون، وعلى مدار الأجيال المتعاقبة، من أجل تعزيز الثقافة والهوية الوطنية، لافتاً إلى الارتباط العضوي والعفوي ما بين المثقف والأرض بما يحفظ الذاكرة الفلسطينية ويقاوم محاولات الاحتلال للنيل من ثقافة الشعب الفلسطيني وهويته الحضارية.
وولد رياض مصاروة العام 1948 في يافا، ليرحل وأسرته بعد شهر على ولادته إلى قرية الطيبة في المثلث بالداخل الفلسطيني المحتل، وهناك أتم دراسته الابتدائية في قريته، والثانوية في مدرسة زراعية قبل أن يسافر إلى ألمانيا الشرقية حيث درس الإخراج المسرحي في معهد الفنون المسرحية، وحصل على الماجستير في الإخراج المسرحي.
عمل بعد تخرجه مديراً للمركز الثقافي البلدي في مدينة الناصرة، فيما ألّف وأخرج العديد من المسرحيات، كما ترجم مختارات من أعمال برتولد بريخت من الألمانية إلى العربية ونشرها في مجلتي الاتحاد والجديد.
ومن أبرز إنتاجه المسرحية مسرحية "رجال في الشمس" العام 1979، في عكا، عن رائعة الروائي غسان كنفاني، وفي العام 1982 خرج من الناصرة بمسرحية "الطفل الضائع"، تلاها في العام 1983، ومن حيفا، مسرحية "محطة اسمها بيروت"، فيما كان له العام 1986، مسرحية "جيفارا أو دولة الشمس" المترجمة عن مسرحية للكاتب الألماني فولكر براون، بينما أنتج أغاني غجرية مترجمة عن الألمانية بعنوان "أفعى الحب، العام 1983، كما كان له العديد من الأعمال المسرحية والمؤلفات في تسعينيات القرن الماضي من أبرزها "سرحان والسنيورة"، ومع دخول الألفي الثالثة كان له المزيد من الأعمال.
ومؤخراً نجحَ مصاروة في إنجاز أهم أعماله ألا وهو "راشيل كوري" ذلك العمل المسرحي الذي أبدعَ فيه إلى جانب الممثلة المتميزة لنا زريق، ومعاً نجحا في ترجمة العمل وفي تقديم واحدة من روائع المسرح الفلسطيني.
ولا يختلف اثنان على أن أعمال الكاتب والمسرحي رياض مصاروة تركت بصمة ولا تزال في المسرح الفلسطيني بل والعربي، وهو الذي كانت أولى تجاربه التمثيلية حين كان في الصف الثامن الابتدائي (14 عاماً)، وكانت البداية الحقيقية بالنسبة له، حين التحق بمدرسة زراعية، طلب منه معلمه فيها الانضمام لحلقة درامية لتقديم المسرح، وبعدها التحق بكلية المسرح في أحد مناطق الداخل الفلسطيني المحتل، قبل الحصول، كما يقول على منحة من الحزب الشيوعي لدراسة المسرح في ألمانيا الشرقية، وهي الدراسة التي أنهاها في العام 1977، مشيراً إلى أن "رجال في الشمس" كان أول أعماله، وشهد نجاحاً جماهيرياً كبيراً لا يزال يتذكره كل من شاهد العمل.
ويعترف مصاروة الذي عبر عن سعادته باختياره شخصية فلسطين الثقافية للعام 2015، بأن "الطريق لم تكن سهلة، ليس لي فقط، بل لزملائي في تلك الفترة، أي في نهاية سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت الإمكانيات المادية شحيحة جداً، ولكن رغم ذلك استطعنا، مع إمكانيان محدودو أن ننجز الكثير من النجاحات، وحسب اعتقادي فإن الفضل يعود في ذلك للجمهور الذي كان مسيّساً ومثقفاً، ما ساعد كثيراً في العملية الفنية التي خضتها أنا وأبناء جيلي.
وأضاف: نعم، كانت هناك نجاحات وورود، لكن بالمقابل كانت هناك إخفاقات وإحباطات وأشواك وأحجار، وكل المصطلحات التي تندرج في هذا الإطار، لكن التصميم والإرادة جعلتنا نمارس الفن بنهم وعزيمة ونصل إلى تحقيقِ إنجازاتٍ تُسجل، والفضل الكبير يعود للعمل الجماعي الذي ميّز أبناء جيلنا".
ومن أشهر مقولات مصاروة: في العمل الفني لا يوجد حظ، إما أن يكون جيداً أو سيئاً، من الممكن أحياناً أن تكون الاختيارات السليمة هي التي تساعد على النجاح، فاختياري في العام 1977 لمسرحية "رجال في الشمس" كانت اختياراً صائباً وضرورياً، لهذا السبب كان هناك نجاح هائل للمسرحية.. على المخرج المسرحي أن يعرف كيف يختار العمل المسرحي في الوقت المحدد وفي الزمن المحدد، وهذا هو سر النجاح حسب اعتقادي، ولا تكون الاختيارات عشوائية بل مدروسة.