المغرب: الرقابة المغربية تمنع فيلم "الزّين اللّي فيك" وسط ردود تكفيرية وممانعة ليبرالية خجولة
Jun 2015يعيشُ المجتمع المغربي، هذه الأيام، على صفيحٍ ساخن. ومصدرُ ذلك، القرار الذي اتّخذته الحكومة المغربية بمنْع فيلم "الزّين اللّي فيك" للمخرج نبيل عيوش، عقب الضّجّة التي أحدثها عرضُ يوتيوب لبعض اللقطات المُقرصنة منه.
الفيلم، الذي يُصوّر حياة ممتهنات الدعارة في مدينة مراكش، لم يُعرض بعدُ في القاعات السينمائية المغربية، بل إنّ مخرجه لم يتقدّم، بعد، بطلبٍ في هذا الشأن إلى السلطات المعنية. ومع ذلك فقد تمّ منعُه.
خلّفت الواقعة سِجالاً واسعاً بين مؤيّد ومعارض. ففيما يرى المعارضون أنّ الفيلم يُسيءُ للشعب المغربي ولتقاليده وقيمه الدينية، يرى المؤيدون أنّ الأعمال الفنيّة لا تّقوم وفْق المعايير الأخلاقية، وأنّ قرار المنع انتهاكٌ لحرية التعبير و تضييقٌ على الإبداع وتوظيفٌ لشعار "الفنّ النظيف" الذي طالما روّج له الحِزب الإسلامي الحاكم.
يقول الباحث في مجال السياسات الثقافية والشاعر مراد القادري: "من موقعي، تابعتُ هذا السجال، بين المعسكرين، واعتبرته ثمرة طبيعية لمجتمع يتوزّعه تياران، الأول حداثي ليبرالي والثاني أصولي محافظ. غير أنّ ما لم أسْتسِغْه هو:
- العنف السياسي الذي رافق عملية المنع، والذي يؤشر عن وجود موقفٍ عدائي، للبعض، من الفنّ و الإبداع؛
- دعوات القتل التي تعالت من طرف الذين نصّبوا أنفسهم حماة للقيم الدينية والأخلاقية. فعِلاوة على الردود التكفيرية المتطرفة التي تمّ رصدها في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، انبرى بعضُ شيوخ السّلفية إلى الدعوة للتحريض بالقتل وإهدام دم المخرج والممثلة الرئيسية لبنى أبيضار؛
- تجييشُ الشارع العام، من طرف بعض الهيئات السياسية المحافظة (حزب الاستقلال، جزب العدالة والتنمية) ودفعُ كل من هبّ ودب، عشية تنظيم انتخابات بلدية، لإبداء رأيه في عمل فني، لم يتسن للمغاربة، بعد، مشاهدته و الحكم عليه؛
- محدودية تأثير التيار الحداثي والليبرالي في التصدي لدعوات التشهير والقتل التي أطلقها المتطرفون من بعض شيوخ التيار السلفي؛ إذ لم نسجّل سوى تمرير عريضة وحيدة وقعها ثلة من الفنانين والمثقفين والإعلاميين والنشطاء المدنيين، في غياب تنظيم حملة واسعة للفت الانتباه لحيوية الفن ودوره المجتمعي والتنموي".
ويرى القادري أن الخاسر الأكبر في هذه المعركة التي يشهدُها حالياً المجتمع المغربي هو: السينما المغربية، التي ستؤدي الثمن الباهظ من حيث خلق جوّ من الكراهية تجاهها، وفرض الوصاية على مُنتجيها والعاملين بها، مما ينبئُ بمسلسل تضييقي ضد الحرية و الفنّ على حد تعبيره.
ينهي الناشط الثقافي مراد القادري تعليقه على الحدث قائلاً: "هي معركةٌ. كان من المُمكن للمجتمع المغربي أن يجعل منها فرصة تربوية وبيداغوجية للنقاش حول القضايا الخلافية، خاصة في اللحظة التي يتقاطع فيها الفن بالأخلاق. لكن قرار المنع حرمنا من هذه الإمكانية وفوّت علينا نقاشاً ثقافياً ثميناً. ضاعت الفرصة".