مصر: التحقيق مع رئيس تحرير «أخبار الأدب».. شبح الحسبة يطارد المثقفين
Nov 2015موقع التحرير الإخباري - علا الساكت
31 تشرين الأول/ أكتوبر 2015
من جديد يعود شبح قضايا الحسبة ومحاكمات المبدعين، بعد أن حوّلت النيابة العامة الروائى والصحفى أحمد ناجى وطارق الطاهر رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب الإسبوعية إلى النيابة العامة، بتهمة خدش الحياء العام بسبب قيام المطبوعة بنشر فصل من رواية "استخدام الحياة" الصادرة عن دار التنوير.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى نهايات عام 2014، إذ نشر الكاتب جزء من روايته بجريدة أخبار الأدب، وتدور حول الحياة الكابوسية فى القاهرة، ويحوى المقطع المنشور ما ظن صاحب البلاغ أنه خدش للحياء، من ثم تقدم ببلاغ للنيابة العامة صاحبة الحق الحصرى فى تحويل قضايا النشر والحسبة لمحكمة الجنانيات العام فى أغسطس من العام الماضى، حتى فوجئ الكاتب اليوم بتحويل القضية لمحكمة الجنايات.
ويعلق أحمد ناجي هذه القضية شديدة الغموض بالنسبة لى، فصاحب الادعاء وهو شخص لا أعرفه يدعى هانى صلاح الدين ويدعى أنه حين قرأ الفصل المنشور فى أخبار الأدب أصابه فى اضراب فى ضربات القلب والإعياء الشديد، وشعر بأن حياء قد خدش وبالتالى تقدم ببلاغ للنيابة.
وقال : "النيابة مصّرة على التعامل مع الفصل المنشور فى أخبار الأدب كمقال وليس جزء من رواية، ذلك لأن الرواية تستخدم ضمير المتكلم، وترتب على ذلك تحميلى مسئولية كلام البطل الذى يقول مثلا أنه شرب الحشيش، رغم أن الرواية المنشورة فى دار التنوير ببيروت والتى دخلت مصر عبر مكتب الرقابة الفنية على الكتب والمطبوعات الفنية بالتالى فقد سبق وأن أجيزت الرواية لذا فالرواية موجودة بأرفف المكتبات وليست جزء من المشكلة".
وتعليقا على أننا عائدون إلى زمن قضايا الحسبة يقول ناجى : "نحن لم نغادر زمن الحسبة، لكن هذه حسبة من نوع مختلف فقانونا هذه ليست قضية حسبة فقضايا الحسبة يمكن فيها لأى شخص يرى شئ مخالف أن يرفع قضية، بينما فى حالة قضيتى فهذا الشخص يدعى أنه وقع عليه ضرر بناءا عليه حوّلت القضية للنيابة ثم إلى المحكمة".
حاليا لا يعرف ناجى إذا ما كانت تهمته تنظر أمام محكمة الجنايات أم الجنح، ويقول ناجى أن نقابة الصحفيين تضامنت مع ومؤسسة الدفاع عن حرية الرأى والتعبير، كما قامت أخبار اليوم بإرسال محاميين معه خلال التحقيقات.
من جهته أكد خالد البلشى عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن النقابة تضامنت مع ناجى فى التحقيقات، وهى مهتمة بكل قضايا النشر سواء كانت أدبية أو صحفية"
وقال:" الصحافة المصرية منذ نشأتها كانت بيتا للأدب، وليس أدل على ذلك من أن رواية أولاد حارتنا للكاتب الكبير نجيب محفوظ نشرت فى حلقات مسلسلة بالأهرام -وهى جريدة قومية عامة وليست صحيفة متخصصة كأخبار الأدب- رغم الضجة التى ثارت حول الرواية التى كادت أن تودى بحياة كاتبها".
ويرى البلشى أن ما يحدث هجمة ضارية على حرية الإبداع والنشر عموما، قال إن النقابة تدق ناقوس الخطر وتدعو كل المؤسسات المعنية بحرية الرأى والتعبير لابد أن تتصدى لهذه الهجمة سواء اتحاد الكتاب أو غيره من المؤسسات المعنية.
بينما يرى الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، أنه لا لزوم لها إلا إرهاب أو أيا من يكن له رأى أو موقف نقدى، مضيفا أن هذه ليست مجرد قضية عابرة بل هى هجمة على حرية الإبداع عموما ممن يظنون أنفسهم حراس الفضيلة والأخلاق.
وقال:" نحن نرجع إلى الخلف عشرات السنين إلى الخلف، فهؤلاء لا يفهمون الفارق بين الكتابة الروائية التى هى إبداع روحى، لابد أن يحوى النماذج الطيبة والشريرة، فهذه وقواعد الأدب، إذ لا يجوز أن يتجاهل الكاتب الشخصية الشريرة التى هى موجودة فى الواقع، فنحن لا نعيش فى يوتوبيا مجتمع الفضيلة والجمال!، فى نفس الوقت يتجاهل هؤلاء طوال الوقت المشاهد المقززة فى برامج التوك شو التى يتعمد بعضها تجهيل المجتمع وتشويه الناس بل وسبهم بألفاظ نابية على الهواء"
وتساءل عبد المجيد :"أين هى حماية حرية الرأى والتعبير التى أقرها الدستور؟ كنا قد فرحنا بإلغاء قضايا الحسبة وإقتصار تحويل هذه النوعية من القضايا على النيابة العامة فقط"
وأضاف عبد المجيد هذه هجمة على الفكر والأدب؛ فالنظام "ماشى وراء السلفيين"، وهذه القضايا إرهاب فكرى بل ومهدد لحياة المبدع فنشر مثل هذه القضايا قد يودى بحياة مؤلفه مثلما حدث مع عشرات المبدعين، والمفترض أن تترفع النيابة عن مثل هذه التراهات، فهى تشغل الرأى العام دون داع وتربكه ، خصوصا وسط حالة الإرهاب والاستقطاب الحاد الذى نعيشه.
فيما أكد الروائى مكاوى سعيد أن القضية بهذا الشكل مثيرة للشك فلا يعقل أن يكون مواطنا لم يحرك ساكنا ضد برامج التوك شو التى تحفل بالتضليل والبذاءة بل والألفاظ النابية؛ أن يخدش مشاعره فصلا من رواية منشور فى جريدة أدبية متخصصة.
وقال : "الموقف مؤشر خطير، والأوّلى أن يتصدى وزير الثقافة لمثل هؤلاء، وفيهم من يظن أن سقوط مرسى كان على يد العلمانيين فقط لا أنها رغبة الشعب كله"
آضاف: " المثقف الآن يفق أعزل بين من حاربهم ومن ساندهم ودعمهم أيضا فالطرفان يستضعفون المثقفين، هذه حرب طاحنة هدفها أن تخيف المثقفين ليعودون بنا عشرات السنين، وكأن من يحاربوننا يريدون دفعنا لنقطة أن عصر مبارك أفضل".