إطلالة على إنجازات المجموعات الوطنية للسياسات الثقاقية 2016 (الجزائر، العراق، المغرب، موريتانيا)
Apr 2017تقدم هذه المادة إطلالة على عمل مجموعات السياسات الثقافية التي تنشط ضمن برنامج السياسات الثقافية في المنطقة العربية الذي أطلقته مؤسسة المورد الثقافي في عام 2009، والذي يهدف إلى بناء قاعدة معرفية تدعم التخطيط والتعاون الثقافي في المنطقة العربية، ودعم مبادرات مجموعات الضغط التي تسعى إلى تحسين حال السياسات الثقافية في دولها، والتي تنشط حالياً في 12 دولة وهي: الأردن، تونس، الجزائر، السودان، العراق، سوريا، فلسطين، لبنان، مصر، المغرب، موريتانيا، واليمن.
تسعى هذه المادة لإلقاء الضوء على بعض ما أنجزته المجموعات خلال عام 2016 إن كان على الصعيد البحثي أو على صعيد الحشد والمناصرة أو على صعيد تطوير خطط واستراتيجيات واقتراح قوانين جديدة، حيث ستتناول هذه النشرة بالتحديد المجموعات في الجزائر والعراق والمغرب وموريتانيا بعد أن نشرنا في العدد السابق القسم الأول الذي تناول الأردن وتونس وسوريا وفلسطين.
المغرب
على مدى سنة 2016، أطلقت الجمعية المغربية للسّياسات الثقافية برنامجاً لتعزيز حُرية التّعبير والحقوق الثقافية.
بدأ هذا البرنامج، المنجز بدعم من مؤسسة المورد الثقافي وكلية الآداب ابن مسيك، بدوراتٍ تكوينية، استفاد منها مجموعة من الباحثات والباحثين الشباب من مدينة الدار البيضاء، وعددهم 30 فرداً، ينتمون لحساسيات ثقافية وحقوقية وجامعية متباينة ومختلفة، قبل أن يتوزعوا إلى خمس مجموعات كبيرة بهدف إنجاز بحوث ميدانية، تنوّعت مواضيعُها بين قضايا حرية التعبــير وإشكاليات ولُوج الشباب المغربي إلى الثقافة، عِلاوة على رصْدين هامين عن مدى حضور قضايا الثقافة داخل البرلمان المغربي خلال الولاية التشريعية الأخيرة (2011 – 2016) وكذا مدى انتظام القوانين المؤطرة للمجال الثقافي خلال الفترة نفسها.
وفي يوم 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، تقدّم منسقو المجموعات الخمس التي استفادت من الدورات التكوينية المذكورة، بعرض نتائج العمل البحثي والميداني ضمن جلسات عمومية مفتوحة، حضرها ناشطون ثقافيون مستقلون وجامعيون ومسؤولو بعض المؤسسات الثقافية النشيطة في المجال الثقافي والحقوقي، وذلك بهدف تعزيز حوار التجارب والخبرات في مجال السياسات الثقافية. وقد انتظم هذا اللقاء بفندق "ديوان" بمدية الدار البيضاء.
عمد البرنامج إلى المزاوجة بين عدة عمليات وهي: التكوين- الرصد والمتابعة، وذلك بهدف تثمين الحرية الثقافية وحماية حق الأفراد والجماعات في ممارسة حياتهم الثقافية والفنية دون تمييز أو إقصاء. أما على المستوى العملي، سعى البرنامج إلى تنمية قدرات الباحثات والباحثين الشباب وتعزيز كفاءتهم المعرفية والعملية التي تخوّل لهم القيام بباقي العمليات المدرجة ضِمن البرنامج أي القيام بعملية الرصـــد والمتابعة وإنجاز تقرير عن راهن الحقوق الثقافية خلال سنة 2016 و2017، وهو الأمر الذي يُسهم في دعْمهم وتقوية قُدراتهـم وتطوير صيغ التفاعل بينهم.
الجزائر
ترّكز نشاط مجموعة العمل حول السياسة الثقافيّة في الجزائر سنة 2016، على محورين أساسيين. المحور الأول كان توسيع رقعة انتشارها الميداني جغرافياً، بالتركيز على منطقة الجنوب التي تشتكي من فقر البنى التحتيّة الثقافيّة ومن تهميش ثقافي على مستوى تنويع الفعل الثقافي وسوء استثمار ثرائها الثقافي، والثاني كان التكثيف من حضورها العلمي والإعلامي برصد ومتابعة جديد المشهد الثقافي وإطلاق مبادرات نوعيّة.
وفي هذا الإطار نظّمت المجموعة ورشتي تمنراست وغرداية للإدارة الثقافيّة بالتعاون مع خبيرين مغاربين بارزين في الساحة المغاربيّة والأفريقيّة. أشرف الخبير المغربي إبراهيم المزند مدير مهرجان "فيزا للموسيقي" الشهير على ورشة تمنراست في إدارة التظاهرات الثقافيّة الكبرى يومي20 و 21أيار/ مايو 2016. أما ورشة غرداية في إدارة التظاهرات الثفافيّة والتي انعقدت يومي 23 و24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 فقد أدارها الخبير الموريتاني عبد الرحمن سالم صاحب دار السينمائيين الموريتانيين.
هذان الورشتان ستعزّزان بورشات مستقبليّة أخرى في الجنوب الجزائري الذي التمست فيه المجموعة طلبا كبيرا لمثل هذا النوع من التدريبات النوعيّة التي تدعم إطلاق مبادرات ثقافيّة مستقلّة.
من جهة أخرى واصل أعضاء المجموعة متابعة ونقد ما تطرحه الإدارة الثقافية الجديدة في الجزائر من مبادرات لتسيير أزمة التقشّف التي طالت أوّل ما طالت ميزانيّة وزارة الثقافة لتضطر الوزير الحالي للدعوة إلى إشراك القطاع الخاص في تنشيط الساحة الثقافيّة؛ هذه الدعوة التي مازالت تعوزها القوانين التيسيريّة للاستمثار الثقافي الأمر الذي مازالت تغفله الوزارة المعنيّة التي أشرفت في السنوات الأخيرة على إصدار قوانين جديدة تزيد من تكبيل الفعل الثقافي المستقل.
من أهم مشاريع المجموعة لعام 2016 هو تحضيرات إطلاق "الخريطة الثقافيّة للجزائر"، وهي عبارة عن منصة رقمية ترصد أهم المؤسسات الثقافيّة الفاعلة في الجزائر سواء المستقلّة منها أو الرسميّة. تأتي أهمية الخريطة من كونها الأولى من نوعها جزائريّاً والثانية على المستوى الإفريقي، وهي تشكّل أرضيّة إستراتيجية بيد الفاعلين الثقافيين بالجزائر لدعم آفاقهم التشبيكيّة، وبيد المسؤولين على وضع سياسات جديدة للقطاع بما يضمن توزيعاً أكثر عدالة للتنشيط الثقافي، وبيد المستثمرين في المجال تزوّدهم بكافة البيانات المطلوبة والداعمة لخياراتهم الاستثماريّة.
العراق
عملت المجموعة العراقية على متابعة توصيات مؤتمر "إدارة الثقافة في زمن الطوارئ" المقام أواخر 2015، وبالأخص في مجال تنشيط الحراك الثقافي في الشارع وجعله متاحاً بين الناس، وحالت الظروف السياسية التي واجهها البلد منذ نيسان/ أبريل 2016 دون متابعة التوصيات المتعلقة بالتشريعات.
شرعت المجموعة بتقديم شغل ثقافي جديد ضمن هدف استثمار الفضاء العام لمبادرات ثقافية، بدأتها بإطلاق فعالية "هل تعرف؟"، وتبعتها بفعالية "هل تعرف لمن هذه اللوحة؟".
على امتداد شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 نشرت المجموعة على جدران مدينة بغداد رسوماً لوجوه عشر شخصيات عراقية فنية وثقافية مصحوبة بسؤال "هل تعرف؟" حول مدى معرفة الناس للشخصية المرسومة وإنجازاتها.
استهدفت هذه الفعالية عموم ساكني مدينة بغداد عبر فضاء المدينة العام والذي يمتلئ عادة بصورٍ ولافتاتٍ سياسية ودينية وإعلانات تجارية.
هدفت المجموعة عبر هذا النشاط إلى إعادة سـؤال الثقافـة في زمـن الحـرب إلى الواجهة مجدداً عبر عشر شخصيات ثقافيّة وفنيّة منها المسرحي قاسم محمد، والشاعر سركون بولص، والقاص محمود عبدالوهاب، والفوتوغرافي فؤاد شاكر. الفعالية أطلق فكرتها الشاعر حسام السراي منسق مجموعة السياسات الثقافية، في حين كانت تنفيذ الغرافيتي للرسامين محمد خالد ومحمد وحيد.
أطلقت المجموعة المرحلة الثانية من فعالية "هل تعرف؟" خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2016 بعنوان "هل تعرف لمن هذه اللوحة؟" حيث تم التعريف بلوحات ومنحوتات لعدد من الفنانين العراقيين عبر تعليق نسخ منها في عدد من المؤسسات والمستشفيات الحكومية والأهلية وبعض الكليات، إضافة إلى مجمعات تجارية ومطاعم.
سعت المجموعة عبر هذه الفعالية إلى التعريف بالنتاجات الثقافية والفنية والفنانين الذين قاموا بإبداعها وهم فنانون من مختلف الأجيال منهم الراحل شاكر حسن آل سعيد وفيصل لعيبي وضياء العزاوي ووسماء الآغا وفاخر محمد وآخرون.
موريتانيا
ركزت المجموعة الموريتانية للسياسات الثقافية عملها في عام 2016 على الجانب البحثي، حيث تعاقدت المجموعة مع فريق بحث يقوده الباحث الدكتور أحمد مولود الهلال لتقديم دراسة إحصائية تتضمن أربعة محاور أساسية وهي: الفاعلون الثقافيون المستقلون، القاعلون الثقافيون الحكوميون، الفاعلون الثقافيون الأجانب، النصوص القانونية والتشريعية للعمل الثقافي في موريتانيا.
بدأ عمل المجموعة البحثية ميدانياً، وذلك ضمن 11 ولاية موريتانية من أصل 15 ولاية خلال عام 2016، كما بدأ العمل في شهر حزيران/ يونيو 2016 في ولايات نواكشوط الثلاث واستمر حتى نهاية العام.
ركز البحث على أربعة جوانب بحثية في كل ولاية، حيث تم البدء برصد واقع الحياة الثقافية، ثم غياب العمل الثقافية، يليه واقع التنشيط الثقافي، وأخيراً رصد أفق التنمية الثقافية في كل ولاية. ترافق البحث مع جرد لمجمل النصوص القانونية المتعلقة بالسياسات الثقافية، وانقسم العمل إلى جانبين، الأول النصوص القانونية الصادرة في الصحف الرسمية، والثاني القرارات المتعلقة بالسياسات الثقافية الصادرة عن وزارة الثقافة الموريتانية والمؤسسات التابعة لها.
كما تعاقدت المجموعة مع مؤسسة خدمية لتصميم قواعد البيانات التفاعلية من أجل موقع "قاعدة بيانات الفاعلين الثقافيين في موريتانيا"، حيث حجزت المجموعة موقعاً على الانترنت وتعمل الآن على تطويره لإطلاقه خلال عام 2017. وسوف يترافق ذلك مع اجتماع تعريفي تعقده المجموعة مع الإعلاميين والفاعلين الثقافيين وممثلي وزارة الثقافة والممولين الأجانب.