منتدى منظمات المجتمع المدني واتفاقية اليونسكو عام 2005
Nov 2017بقلم: مايك فان غران، كاتب مسرحي من جنوب أفريقيا، وخريج منحة ريتشارد فايسايكر من أكاديمية روبرت بوش، برلين
في شهر حزيران/يونيو هذا العام، وقبل اجتماع الدول الأطراف في اتفاقية اليونسكو لحماية وتشجيع تنوع التعبيرات الثقافية، عُقِد تجمع لمنظمات المجتمع المدني في باريس. تدعو الاتفاقية -التي تسعى إلى إرساء تبادل عادل ومتساوٍ للسلع والخدمات الإبداعية- إلى مشاركة المجتمع بقوة في صياغة السياسات والاستراتيجيات لتنفيذ الاتفاقية، ولتقييم السعي إلى تحقيق أهدافها على مستوى الدول. ورمى ملتقى منظمات المجتمع المدني إلى إعداد أول تقرير عالمي عن الاتفاقية ونجاحاتها وتحدياتها والتوصيات بشأنها، بحيث يصدر التقرير عن المجتمع المدني، ويُقدَّم في اجتماع كانون الأول/ديسمبر للجنة الحكومية (الهيئة المنتخبة من 17 ممثلًا، كل عن دولة، تنسق الشؤون اليومية للاتفاقية).
لإعداد التقرير، وضعت أمانة سر متخصصة لمنتدى منظمات المجتمع المدني استمارة أسئلة وُزِّعت على أعضاء المنتدى الإقليميين (ويبدو أنه قد تم اتخاذ قرار بعدم إشراك الأمانة العامة لاتفاقية اليونسكو في تلك المرحلة، للحفاظ على استقلالية المنتدى، ولكن هذا القرار كان يعني أيضًا أن نطاق التوزيع كان أضيق).
تأسست أربع مجموعات كتابة لتقييم استمارة الأسئلة بعد اكتمالها، وتعمل كل مجموعة على أحد الأهداف الرئيسية التي اتُّفق عليها: دعم أنظمة مستدامة لحوكمة الثقافة، وضمان التوازن في تدفق السلع والخدمات الثقافية، ودمج الثقافة في أطر التنمية المستدامة، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
اجتمع ممثلون عن المجموعات الأربع في باريس، يوم 17 أيلول/سبتمبر، واتفقوا على بنية للتقرير.
ولكن، بناءً على النقاشات في الاجتماع وما أشارت إليه استمارات الأسئلة المملوءة، كان واضحًا أن أوروبا وإفريقيا هما الأكثر تمثيلًا بين مناطق العالم، وتليهما آسيا. كما تولى ممثلون عن منظمات غير حكومية أوروبية قيادة مجموعات الكتابة وكذلك الأمانة العامة لمنتدى منظمات المجتمع المدني.
يشكل منتدى منظمات المجتمع المدني بذاته إشارةً إلى التحديات وغياب التوازن بين دول ومناطق العالم في توزيع المعلومات والنفوذ والقوة في القطاع الثقافي، حيث تحظى المنظمات الأوروبية بالدعم المالي، وتعمل ضمن فضاء سياسي ديمقراطي، ويسهل على أعضائها السفر نسبيًا، كما يمكن لأعضائها كافة التواصل باللغة الإنكليزية. أما سبب ورود استمارات مملوءة من إفريقيا، فيعود إلى الكيان الناشئ، الشبكة الإفريقية للسياسات الثقافية، في حين عملت المؤسسة الآسيوية الأوروبية على ملء الاستمارات من آسيا. أما أمريكا الجنوبية والمنطقة العربية وأوروبا الشرقية وأستراليا وجزر المحيط الهادي والكاريبي وجنوب شرق آسيا وحتى أمريكا الشمالية، فكانت غائبة تمامًا، ما يعني أن التقرير الذي سيُقدّم سيكون ذا طبيعة أوروبية، مع بعد إفريقي إقليمي.
ولا نعلم بعد ما إذا كانت اللجنة الحكومية، التي تمثل مناطق العالم كافة، ستقبل بهذا التقرير أم لا. ولكن، كون هذا الواقع لا يبدو مؤرِّقًا للزملاء في منظمات المجتمع المدني في أوروبا، هو انعكاس حزين لتفضيل المصالح الضيقة على الشمولية الدولية التي تسعى اتفاقية اليونسكو إلى تحقيقها.