المؤسسات بحث
جمعية هلال الساورة
تنمية الفنون المحلية التقليدية تشجيع تكوين وتطوير مجموعات شبابية جزائرية تشجيع
المزيد>>
أخبار بحث
  • النشرة الختامية من موقع السياسات الثقافية في المنطقة العربية يُعلن برنامج السياسات الثقافية في... قراءة>>
  • مصر: افتتاح متحف نجيب محفوظ بعد 13 عاماً شهدت القاهرة منتصف شهر تموز/ يوليو 2019... قراءة>>
  • ليبيا: ملتقى دولي حول حماية التراث الثقافي في ليبيا عقدت منظمة اليونسكو يومي 15 و16 تموز/ يوليو... قراءة>>
  • العراق: قبول مشروط لإدراج بابل القديمة على لائحة التراث العالمي بإجماع أعضائها، أدرجت منظمة الأمم... قراءة>>
  • الأردن: 50 ألف كتاب مجاني في المدرج الروماني أطلق الفاعل الثقافي حسين ياسين، مؤسس... قراءة>>
الأعضاء بحث
رنا يازجي
باحثة ومدربة ومبرمجة ثقافية, المورد الثقافي
حاصلة على إجازةٍ في الدِّراسات المسرحيَّة من المعهد العالي للفنون المسرحية، دمشق
المزيد>>


الدراسات و التقارير-مقالات الرأي
فلسطين: لقاء مع الفنانة والفاعلة الثقافية فيرا تماري
Feb 2018

ضمن خطة عمل المجموعة الوطنية للسياسات الثقافية في فلسطين للعام 2017، أجرت المجموعة الوطنية مجموعة من الحوارات مع فاعلين ثقافيين فلسطينيين في فلسطين التاريخية والشتات، تهدف هذا الحوارات ليس فقط إلى تسليط الضوء على الفاعلين الثقافيين وإسهاماتهم في مجال الثقافة والفنون، بل أيضاً الحصول على آرائهم فيما يتعلق ببعض القضايا ذات العلاقة والتي تؤثر على المشهد الثقافي الفلسطيني. سيتم نشر هذه الحوارات بالتتابع عبر موقع السياسات الثقافية في المنطقة العربية وضمن نشرته الالكترونية الشهرية.

 

فيرا تماري، ولدت في مدينة القدس ودرست الفن في بيروت، إيطاليا وأكسفورد. اختصت بالفنون البصرية، وتاريخ الفن والعمارة الإسلامية. عملت محاضرة في الفن والعمارة الإسلامية في جامعة بيرزيت حيث أسست متحف المقتنيات التراثية والفنية والجاليري الافتراضي. لها مساهمات في ترويج الفن والثقافة في فلسطين، ومشاركات أكاديمية وفنية محلياً ودولياً،  وهي مستشارة وعضو فاعل في عدة مجالس لمؤسسات فنية وثقافية. مساهماتها الفنية ممتدة منذ العام 1974 حيث شاركت في العشرات من المعارض الجماعية، بالإضافة إلى عدد من المعارض الشخصية. تركز فيرا تماري في أعمالها الفنية على موضوعات الطبيعة، والذاكرة والهوية.

 

الفنانة فيرا تماري: تجربة الجاليري الافتراضي يجب ألا تموت.. ومتحف بيرزيت كان علامة فارقة

حاورتها: بديعة زيدان

نشأت الفنانة فيرا تماري في عائلة يافاوية تعنى بشكل كبير بالثقافة والفنون، فوالدها ووالدتها كانا دائميّ التشجيع لها ولشقيقها وشقيقتها لإبراز إبداعاتهم. درست والدتها الفنون بالقدس في عشرينيات القرن الماضي، كما درست الفن بالمراسلة معEcole ABC في فرنسا، وأسست في منزلها في يافا بعد تخرجها من المدرسة ما يشبه المشغل الفني برفقة شقيقتها (خالة فيرا)، ولذا كان لها دور كبير هي ووالد فيرا رجل الأعمال المولع بالفنون بكافة أنواعها فيما وصلت إليه فيرا التي باتت واحدة من أعلام الفنون البصرية الحديثة في فلسطين، معها كان الحوار التالي:

●       ما الدور الذي لعبته والدتك في تعزيز اتجاهك نحو الفنون؟

خلفية والدتي الثقافية فيما يتعلق بالفنون، وما تملكه في هذا المجال، ساهم بشكل كثير لا شك، خاصة أنها كانت أيضاً مولعة بالأدب قراءةً وتلخيصاً، كما كانت متابعة شغوفة لأخبار الفن في العالم، والأهم منذ ذلك كله أنها علمتنا حب الطبيعة، وكانت تأخذنا في جولات في الطبيعة أذكرها جيداً، وصادف أن انتقلت هذه الجينات إلينا ثلاثتنا.

●       تقصدين فلاديمير وتانيا؟

صحيح، شقيقي فلاديمير الذي توفي مؤخراً، كان مبدعاً منذ سن الرابعة، كان يرسم، ويمارس القص واللصق، وكنت أتابعه بنوع من الانبهار، وأنا أصغره قليلاً، أما تانيا فكانت تغني أيضاً منذ الصغر، وكانت العائلة تشجعها على استثمار موهبتها، والسير في هذا الطريق الفني الراقي. فلاديمير درس الفيزياء، لكنه لفترة انقطع عن دراستها في الجامعة، واتجه نحو ممارسة الفن، ولكنه بقي يمارس الفن ويطور معرفته العلمية بالفيزياء التي له دراسات عديدة فيها والتي استعان بها في اختراعاته المتعلقة بالعلوم البصرية والفضاء، واللافت أن ثلاثتنا كان يشجع كل منّا الآخر، كنت كلما أنجزت عملاً فنياً ما أعرضه على فلاديمير، وكان ينتقد وينافش، وكذلك أنا. كان التواصل بيننا كثيراً على تقنية "سكايب"، خاصة أنه كان يقيم في اليابان، كعائلة كنا نشعر بحالة من الاكتفاء إلى حد كبير.

●       كان لك تجربة في المسرح.. أليس كذلك؟

كان ذلك عبر فرقة "بَلالين" في القدس في بداية السبعينات من القرن الماضي، وأتذكر أن والديّ لم يعارضا فكرة انخراطي في  الفرقة، ولم يكن لديهما أي تحفظ في أنني كيافعة أرافق الشبان إلى القدس، وأحياناً نعود فجراً، بسبب التدريبات والبروفات وأيضاً الترويج للأعمال المسرحية بتعليق الملصقات وما شابه، بل على العكس كانوا متحمسين لحماستي، مع أن الفئات الاجتماعية التي كنا نعمل معها هي غير تلك التي تقع عائلتي في إطارها؛ ففرقة "بَلالين" ضمت شباباً من الجنسين، ومن كافة فئات المجتمع، وكانت تجربة مثالية.

●       في تلك الفترة لربما لم يكن دارجاً أن تدرس فلسطينية الفن، لكنك فعلتيها؟

توجهت للدراسة إلى بيروت، وانحزت للفن، بعد قليل من الحيرة تخصصت في دراسة الدراما والفنون، وبعد أن أنهيت دراستي عدت ودرّست الفن في معهد المعلمات التابع لوكالة الغوث "الطيرة" في رام الله.

●       كانت مرحلة ثريّة على ما أعتقد؟

هذه المرحلة التي قضيتها في التعليم كانت من أهم مراحل حياتي العملية في مشوار العمر، لأنني كنت أتعامل مع صبايا هن من يفترض أن يتأهلن ليكنّ معلمات للفن، ولم يكن لغالبيتهن أي اهتمام بالأمر، بل كن الأقل فيما يتعلق بالتحصيل العلمي، ويدخلن هذا التخصص رغماً عنهن، لدرجة أن العديد منهن كن يبكين رفضاً لدراسة الفن"!

كنت تقريباً في ذات المرحلة العمرية لهن، أو أكبرهن بسنوات قليلة، لكني اتجهت، على ما أعتقد إلى نهج جديد نسبياً في تعليم الفنون يعتمد على الاختبار والاكتشاف الأسلوب غير النمطي، والبعيد عن الكلاسيكية في تعليم الفن المعتمد على النقل والتلقين. أتذكر أن من ألهمني في اتباع هذا النهج في التعليم هي الفنانة سامية الزرو هي من كانت تعلم الفنون في المعهد والتي تركت موقعها شاغراً بعد إبعاد زوجها، وتسلمتُ موقعها بعدها.

مكثت لسنوات عدة في معهد "الطيرة" في تجربة مهنية متميزة، كنت خلالها أعلم وأتعلم في آن واحد.

ومن الأمور المهمة في تلك المرحلة، أنني حصلت على الموافقة بخصوص تنفيذ مشروع مع الطالبات خارج إطار المنهاج يتعلق بزيارات إلى الحرفيين التقليديين في العديد من المناطق الفلسطينية، بحيث نجري معهم المقابلات، وندرس آلية عملهم، والمواد الخام وتطويعها للحرفة التي يمارسونها، ومصادرها، والكثير من هذه التجارب التي اطلعنا عليها عن قرب وعن كثب، كانت تجارب ملهمة.

العديد من هذه المهن التقليدية المتوارثة في غالبية الأحيان والحالات كانت ترافقنا لفترة زمنية ليست بالقصيرة، حيث حين كنا نعود إلى الكلية كنا نعمد إلى وسائل لمحاكاة هذه الحرف التقليدية بشيء من التحديث، بمعنى لم يكن الهدف من التجربة نقلها كما هي، بل التنويع في التطبيقات من وحيها، والخروج بفن معاصر، إن جاز التعبير، من وحي الترات والفلكلور، وكان جوّاً حيوياً.

●       هل تعتقدين أن الوضع تغير حالياً؟ هل ترين مثلاً أن المنظومة التعليمية لدينا في فلسطين أصبحت تضع في اعتبارها أهمية التنشة الاجتماعية على الاهتمام بقطاع الفنون لدى الأطفال منذ الصغر؟

تعليم الفنون في المدارس كان وما زال ضعيفاً يتبع الأساليب التقليدية التي تفتقر إلى التجربة الذاتية وتطوير الأحاسيس الفردية والإبداع. أعتقد أن افتقار انغماس أطفالنا بنشاطات تنمي الفكر الإبداعي يؤثر سلباً في بناء أجيال خلاقة تعاصر في نهج حياتها التغير والتحديث.

●       ولماذا تركت تعليم الفن ما دمت تعتبرينها التجربة الأهم؟

بدأت أشعر مع الوقت، أنني في صميم ذاتي لا أنمو فنياً؛ فحين تخرجت من بيروت، لم أكن قد تعمقت في أي مجال فني محدد، وهنا قررت التوجه نحو دراسة الخزف في إيطاليا، مع أنني لم أكن أعرف شيئاً عن الخزف، كان التعليم تقنياً إلى حد كبير، لكني أعتقد أنني وجدت نفسي في هذا المجال، وعندما عدت أسست مشغلاً معتمدة على ذاتي في تطوير مهاراتي فيما يتعلق بالتطبيقات الفنية في فن الخزف، وكان الصعب في الأمر وقتها أن لا أحد متخصص في هذا المجال- الخزف الفني الذي يختلف نوعاً ما عن الخزف التقليدي في فلسطين، بحيث يمكنني التحاور معه، فكنت مع إنجاز أي عمل كان يقابل بالإبهار، كنت أصر على الاستمرار، مع إدراكي أن هذا الانبهار قد يكون لكون الإنتاج الفني بهذه الطريقة جديداً في فلسطين. علمت نفسي الكثير من الأمور بالاختبار، وطورت نفسي في هذا المجال، ومع الوقت تفرغت للعمل الفني وتركت التدريس.

●       لكنك لم تكتفِ بدراستك في إيطاليا وأكلمت الدراسة في أوكسفورد؟

نعم، توجهت لإكمال دراستي في أوكسفورد لكوني كنت معنية بالتعرف أكثر على تاريخ الخزف الإسلامي، وخزف المنطقة، لم أجد إلا تعليماً نظرياً لعامين هناك، وهو برنامج مكثف ليس فقط للخزف بل يضم أيضاً العمارة الإسلامية، الفنون التطبيقية، والرسم والتصوير.. الخ ما فتح لي نافذة جديدة من المعرفة على شيء كنت أجهله كلياً، كنت أعتقد أنني ذاهبة إلى أوكسفورد، ولديّ الكثير من المعلومات عن الفن الإسلامي وفن العمارة، لأكتشف أنني لا أعرف شيئاً.

استمتعت في هذه الدراسة، وبعدها عدت لأدرّس في جامعة بيرزيت في العام 1986 حتى العام 2010.

●       حدثينا عن تجربة بيرزيت؟

كنت قد ذهبت ببعثة من جامعة بيرزيت، وحين عدت لم يكن هناك ما هو مؤسس لاستيعابي أستاذة بتاريخ الفن الإسلامي، وعليه كنت أتنقل بين أقسام ودوائر الجامعة، درّست في الآثار حول الفخاريات الفلسطينية القديمة في فترات ما قبل التاريخ وحتى الفترات البيزنطية والإسلامية، كان أسلوبي في التعليم يقوم على التفاعل، فأنا أعلّم وأتعلّم، وهذا ما كان يلهمني ويمنحني الطاقة لتقديم المزيد.

بعدها، أسست برنامج الفنون الجميلة في بيرزيت، وكان عبارة عن مساقات اختيارية للطلاب، وبدأ بمساقات: تاريخ الفن الإسلامي، والعمارة الإسلامية، كانت تجربتي في تعليم طلاب العمارة في جامعة بيرزيت مفصلية وأساسية بالنسبة لي، فالطلبة أذكياء بشكل لافت، ولديهم اهتمام كبير بالمعرفة، ولا يخشون الاستكشاف، وفي مساق "المهارات البصرية" خاصة والذي كنت أدرسه في دائرة العمارة. كثيراً ما كنت أوجه الطلاب نحو المعرفة الحضارية ودور الفنون في تطوير البشرية جمعاء، وإجراء الأبحاث بمشاريع عملية لا تخلو من البحث بطبيعة الحال وفي كل عام كان لهذه المساقات طاقة جديدة، ومساحات أكثر رحابة اشتملت على مشاريع عملية ذات تطبيقات فنية متطورة لا تخلو من البحث، أذكر أحد تلك المشاريع حول إضراب الأسرى، كان المشروع مبتكراً ومذهلاً باستخدام فن "التركيب" (Installation Art)، وكان جديداً على فلسطين وقتها، وأدركت أهميته كفن مفاهيمي يربط الواقع بالفن والخيال والتفكير النقدي، وأحبه الطلاب بشكل كبير.

حاولت تأسيس كلية للفنون الجميلة، لكن ذلك التوجه لم يكلل بالنجاح، كوني كنت الوحيدة المختصة في هذا المجال، ووقتها، لم يأت الدعم اللازم، لا سيما أن الأوضاع السياسية الصاخبة توالت، ومنها: الانتفاضة الأولى، والانتفاضة الثانية، وربما كان للجامعة أولوياتها التي ليس من بينها كلية فنون جميلة قد لا تدر لهم دخلاً، أو حتى فرص الحصول على دعم لها أقل من التخصصات الأخرى ذات العلاقة بالسوق.

في هذه الأثناء، برز اهتمام لدى المجتمع الدولي بدعم جامعة بيرزيت كمؤسسة وطنية تعليمية رائدة، أذكر أن الفنان السويسري العالمي رينيه فيرير قدم ستة من لوحاته كهدية للجامعة تقديراً لدورها الوطني والتربوي، وكوني كنت المتخصصة الوحيدة في هذا المجال في الجامعة، أوكلت لي أن أقوم على الكثير من المهام بخصوص هذه مثل هذه المقتنيات الهامة، التي تلتها مجموعة توفيق كنعان (مجموعة الحجب) مما اضطرني إلى التعمق بعض الشيء في "الاثنوغرافيا" للحفاظ على المجموعات.

●       من هنا جاءت فكرة متحف بيرزيت؟

مع وجود هذه المجموعات، بتنا بحاجة إلى مساحة أو مكان يجمعها، لفترة من الوقت كنت أعمل وبهاء الجعبة على دراسة المقتنيات وتوثيقها، بمعنى أننا علّمنا أنفسنا بأنفسنا، واستشرنا خبراء وقيمين من بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة ووجدنا أننا نسير على الطريق الصحيح إلى حد كبير.

مع الوقت بدأت المعارض تنتظم في الجامعة، ومن بينها معرض "يا كافي يا شافي" لمجموعة كنعان للحجب الفلسطينية في قاعة خصصت لذلك في مكتبة الجامعة وعملنا على عرضها وفق أسس احترافية، ومع الوقت وفي أوائل التسعينات حصلنا على غرفة في كلية الإعلام ذات واجهة زجاجية قمنا بتحويلها إلى جاليري القمرية للفنون التشكيلية، وكانت باعتقادي أول قاعة جاليري من نوعها في جامعة فلسطينية، استضافت العديد من الأعمال لفنانين أمثال سليمان منصور، وتيسير بركات، وكان هناك تعاون مع مركز خليل السكاكيني والمركز الثقافي البريطاني في استضافة معارض تعرض هناك.

بعدها تم الشروع في بناء جديد للمكتبة، وتم منحنا الطابق الأرضي بمساحة 400 متر، بدلاً من الأماكن المبعثرة هنا وهناك، وكان تحدياً كبيراً شكل النواة الأولى لمتحف جامعة بيرزيت والذي سمي آنذاك بمتحف المقتنيات التراثية والفنية في جامعة بيرزيت، الذي بات معلماً ثقافياً وفنياً يستضيف معارض من مقتنيات الجامعة، ومعارض خارجية، وندوات، وغير ذلك، وبات هناك نوع من التعاون والتبادل مع المؤسسات الثقافية كمؤسسة عبد المحسن القطان، وحوش الفن، ومركز خليل السكاكيني الثقافي، وغيرهم، بالإضافة إلى المعارض التي أنتجها المتحف ذاتياً.

وجدت إدارة الجامعة أن المتحف أصبح عنوان حضاري للجامعة يفتخر به كوننا اعتمدنا في تأسيسه نهجاً احترافياً وفق تقنية المتاحف العالمية، وهذا صنع الفارق بالنسبة للمتحف.

●       ما رأيك بتطور قطاع الفنون البصرية حالياً في فلسطين؟ وهل ترين اهتماماً من المؤسسة الرسمية في هذا القطاع؟

لا شك أن فلسطين تشهد اليوم تطوراً ملحوظاً في قطاع الفنون البصرية والثقافية له تأثير واضح ومتميز خاصة في المشهد الثقافي العربي وعلى النطاق العالمي، ولكن حتى الآن وللأسف وبالرغم من المحاولات المتواضعة لم تجارِ المؤسسة الرسمية هذا التطور بشكل فعال والذي اعتمد اساساً على مجهود المؤسسات الثقافية الخاصة أو المبادرات الفردية للفنانين.

●       وماذا عن الجاليري الافتراضي؟

حين كنت أعلم الطلاب في جامعة بيرزيت، وحين بدأنا بتنظيم معارض في متحف الجامعة عقب تأسيسه، كنت أرى أن الجمهور المستهدف إضافة إلى الطلبة، هم غالباً المهتمين من رام الله ومحيطها، بسبب الجغرافيا والعوائق السياسية التي تحرم الكثيرين من التنقل الحر خاصة بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية البعيدة عن بيرزيت جغرافياً، ويصعب وصولها، وشعرت أننا يمكن أن نفيد أناساً أكثر باستخدام التكنولوجيا الرقمية، أو ما يعرف بالواقع الافتراضي، ومن هنا جاءت فكرة "الجاليري الافتراضي"، والتي تقوم على تجميع ما يشبه المتحف بما يحتويه من مواد متنوعة  فيما يتعلق بالفن الفلسطيني من استضافة المعارض افتراضياً أكانت فردية أو جماعية فلسطينية، أو جزءاً من معارض جماعية إقليمية أو دولية،  وتجميع سير الفنانين في ملف خاص (بروفايل) عن كل فنان فلسطيني يتضمن سيرته ونخبة من أعماله ودراسات أعدت عنه، تضمّن الموقع أيضاً مكتبة رقمية للأعمال الفنية الفلسطينية مما جعله واحداً من أهم  المراجع حول الفنون البصرية الفلسطينية. كما اشتمل الموقع على عدة مشاريع أخرى من بينها "الفن للمدارس"، وهو برنامج تجريبي تفاعلي لتعريف الأطفال بالفنون الفلسطينية.

كان هناك توجه لأن يتم استحداث جولة ثلاثية الأبعاد داخل هذه المعارض الافتراضية، مع تقنية اللمس الحديثة، وتم تنفيذ شيء في هذا الاتجاه.

●       كيف تقيّمين حال المتاحف في فلسطين؟ وهل لدينا اكتفاء في عدد المتاحف ونوعيتها؟ ما الذي ينقصنا في هذا المجال؟

أجد نوعاً من الفخر بدورنا الرائد في تأسيس متحف جامعة بيرزيت كونه من أوائل التجارب المتحفية الجادة  والذي بدوره التعليمي والثقافي ومستوى أدائه المحترف أصبح نموذجاً ملهماً لنشوء نهضة واهتمام بالعمل المتحفي في فلسطين. الآن يوجد تسابق لدى العديد من المؤسسات في إقامة المتاحف المتخصصة وهذا أمر جيد في نشر المعرفة والحفاظ على الموروث الثقافي الفلسطيني.

●       حالياً أيضاً لدينا المتحف الفلسطيني، ما هي أوجه التعاون بين متحف جامعة بيرزيت والمتحف الفلسطيني؟ وكيف يمكن أن يكون عملهما مكملاً لبعضه البعض؟

طبعاً التعاون بين المؤسسات ضروري في مجال تبادل الخبرات والطاقات البشرية والبحثية كما أن التنسيق هام لتفادي الازدواجية في العمل وتنظيم البرامج. لقد تم التوقيع بين المؤسستين –أي جامعة بيرزيت والمتحف الفلسطيني- على مذكرة تعاون بينهما. وجود مقتيات إثنوغرافية هامة مسجلة وموثقة في جامعة بيرزيت قد تشكل مصدراً هاماً في مجال كيفية الحفاظ والاعتناء والاستفادة من هكذا مجموعات.

ترى تماري أن الواقع الحالي للعديد من المؤسسات الثقافية الفلسطينية أو العاملة في فلسطين يقع في دائرة الانهيار، خاصه لاعتمادها على التمويل الخارجي الذي بدأ يتقلص بشكل واضح، ولعدم انشائها استراتيجيات تؤمّن الاستدامة والتطور اعتماداً على مصادر تمويل ذاتي أو محلي. أيضاً ترى أن تطوير المجالات الثقافية والفنية في فلسطين يجب أن تبدأ في المدارس خاصة في ضوء هزالة المناهج وأسس تعليم الفنون التي تفتقر إلى الحداثة والمعاصرة.


أضف بريدك هنا لتصلك نشرتنا البريدية.