المؤسسات بحث
جمعية الحركة من أجل السينما التونسية
• إعادة ربط المواطن مع السينما • الترويج للفيلم كأداة تحرير للأفكار والخيال •
المزيد>>
أخبار بحث
  • النشرة الختامية من موقع السياسات الثقافية في المنطقة العربية يُعلن برنامج السياسات الثقافية في... قراءة>>
  • مصر: افتتاح متحف نجيب محفوظ بعد 13 عاماً شهدت القاهرة منتصف شهر تموز/ يوليو 2019... قراءة>>
  • ليبيا: ملتقى دولي حول حماية التراث الثقافي في ليبيا عقدت منظمة اليونسكو يومي 15 و16 تموز/ يوليو... قراءة>>
  • العراق: قبول مشروط لإدراج بابل القديمة على لائحة التراث العالمي بإجماع أعضائها، أدرجت منظمة الأمم... قراءة>>
  • الأردن: 50 ألف كتاب مجاني في المدرج الروماني أطلق الفاعل الثقافي حسين ياسين، مؤسس... قراءة>>
الأعضاء بحث
المختار محمد يحيى المختار
صحفي مخرج تلفزيوني, منظمة ثقافية للتنمية
المختار محمد يحيى المختار 26 سنة من مواليد نواكشوط 1987 خريج كلية الآداب والعلوم
المزيد>>


الدراسات و التقارير-مقالات الرأي
فلسطين: لقاء مع الفاعلة الثقافية سيرين حليلة
May 2018

أجرى اللقاء: صابرين عبد الرحمن


سيرين حليلة: ناشطة ثقافية ذات خبرة إدارية وعملية في مجال العمل المجتمعي وتقوية الروابط ما بين الثقافة والفن والتعلم. نشطت في حقل التعليم المجتمعي في فلسطين والأردن منذ العام 1990، عملت في مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي في فلسطين في السنوات التأسيسية من 1990-1998، عملت خلالها على تاسيس وتطوير مشاريع عدة ما زالت قائمة حتى يومنا هذا ومن ضمنها وحدة النشر للأطفال، والحملة الوطنية لتشجيع القراءة، بالإضافة إلى مشروع "يراعات" لتشجيع الشباب على الكتابة والتعبير. أسست في العام 2000 المكتب الإقليمي للملتقى التربوي العربي في الأردن. أسست وترأست إدارة تحرير مجلة واو البلد وهي أجندة شهرية للفعاليات الثقافية في الأردن. شاركت في أبحاث عدة حول العمل الشبابي المجتمعي، وهي حالياً عضو في الجمعية العامة لفرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، وعضو مجلس إدارة مسرح البلد في الأردن وعضو في الرابطة الدولية للمترجمين الفوريين.

 

متى بدأت سيرين حليلة عملها في مجال الثقافة؟ وفي أي المجالات تحديداً؟

كنت منذ الطفولة أشارك في أنشطة فنية، وكانت هذه المشاركة مهمة كبداية للدخول في عالم الفنون، والبداية الأهم كانت بتأسيس فرقة دبكة في مدرسة الفرندز للبنات عام 1980 حين قررت مجموعة من الطالبات وأنا من بينهن تعلم الدبكة وإنشاء فرقة وذلك في مرحلة انتعاش للتراث الشعبي كجزء من النضال الوطني وبوجود عدد محدود من فرق الدبكة في ذلك الوقت من بينها فرقة الفنون التي بدأت عام 1979 وفرقة إنعاش الأسرة وفرقة شباب البيرة. أسسنا الفرقة في المدرسة وبدأنا المشاركة في الأنشطة الثقافية في المدرسة وخارجها في جامعة بيرزيت وجامعة بيت لحم وغيرها وانضميت عام 1982 لفرقة الفنون وفي عام 1983 انضميت لفرقة جذور للدبكة في جامعة بيرزيت وبقيت الدبكة والرقص بشكل عام عنصرا اساسيا في حياتي الثقافية.

تأسس مركز الفن الشعبي عام 1989 وفي عام 1992 أقام أول مهرجان في فلسطين للموسيقى والرقص، وبسبب العلاقة العضوية بين فرقة الفنون ومركز الفن عملت وقتها مع الفريق الإداري فدخلت مجال إدارة الفنون، ثم عملت في مهرجانات متعددة مثل مهرجان نوار نيسان ومهرجان أريحا الشتوي، ومشروع بيت لحم 2000. وعملت مع مركز القدس للإعلام والاتصال كمحررة لمجلة This week in Palestine التي أسسها المركز في عام 1998 أو 1999 وكانت تركز على نشر الفعاليات الثقافية للترويج لها وتعريف الناس بها، وكنا ننشر أجندة الفعاليات في القدس ورام الله وبيت وأريحا وأحياناً في غزة. بعدما انتقلت إلى الأردن، أسست مجلة شبيهة سميناها "واو البلد" أصدرها مسرح البلد واستمرت لمدة سنتين، ولكن كان استمرارها صعب لارتفاع تكلفة الطباعة والتصميم وعدم توفر التمويل بالإضافة إلى صعوبة الحصول على برنامج الفعاليات مسبقاً من المؤسسات الثقافية والفنية.

 

للحديث أكثر حول دورك في مؤسسة تامر منذ تأسيسها وفكرة "التعليم المجتمعي"؟

تأسست مؤسسة تامر عام 1989 بعد سنة ونصف من بداية الانتفاضة الأولى، جاءت المبادرة بالتأسيس من منير فاشة وبيث كتاب. تعرفتُ على منير فاشة في الجامعة وتعمقت معرفتي به حين بدأت العمل في مؤسسة تامر في كانون أول 1990، وعرفت أنه كان المبادر لكثير من الأنشطة الثقافية التي كنت أشارك بها في مكتبة أريحا ومكتبة البيرة العامة وأنا طفلة في السبعينات. كنت قد أنهيت الماجستير في الأدب الإنجليزي وكان عندي شغف بالعمل على مشروع حول الكاتبات الفلسطينيات والعربيات وقلت لمنير "أنا على استعداد للقيام بكل ما يحتاجه العمل في مؤسسة تامر بناء على أولوياتكم طالما كان باستطاعتي العمل على هذا المشروع" فوافق. كانت مؤسسة تامر في ذلك الوقت قد أنهت دراسة حول تحصيل طلاب الصفين الرابع والسادس في المدارس الفلسطينية بالنظر للإغلاقات المستمرة للمدارس وقلق الأهل من تدني مستوى تحصيل الطلاب. من أبرز النتائج التي ظهرت في الدراسة وبناء على اللقاءات التي تلتها مع المعلمين أن مستوى الطلاب قبل الانتفاضة لا يختلف عن مستواهم بعدها، أي أن عدد أيام إغلاق المدارس لا يؤثر فعليا على مستوى تحصيل الطلاب. ليس ذلك فحسب، بل أن المستوى يتدني مع الوقت ولا يتحسن (كان تحصيل طلاب الصف الرابع في بعض الجوانب أفضل من طلاب الصف السادس). تلاقى اهتمامي بالفنون والتعبير الأدبي والفني بقناعة منير بأن التعبير هو أهم عنصر في التعلم، واستلمت تحرير صفحة نخلة الشبر التي أسسها منير في جريدة القدس، وكانت صفحة للأطفال. بعد أن بدأت الجريدة بأخذ نصف الصفحة للإعلانات قررنا التوقّف. بعد ذلك جاءت السلطة الفلسطينية فانتقلنا من شعفاط إلى رام الله بعد أن بدأنا بحملة القراءة في شباط 1992 وكانت البداية بفكرة جوازات سفري للقراءة والتي كانت مهمة في ذلك الوقت بسبب عدم وجود جواز سفر فلسطيني في حينها. حددنا 7 جوازات سفر، أول جواز تحصل عليه لتقرأ أول 12 كتاب، والتاني 15 كتاب وهكذا لتقرأ ما مجموعه 147. بدأنا العمل مع المدارس والمراكز المجتمعية والمكتبات، فكنا ننظم لقاءات في حيفا وعكا ونابلس وغزة وقلقيلة وكل المدن الفلسطينية مع مكتبات ومدراء مدارس، وكان هناك تفاعل إيجابي كبير من الناس. ومنذ البداية استندت أنشطة الحملة على المؤسسات المجتمعية والأفراد المهتمين من كافة الأعمار.

في تلك الفترة كان يعقوب أبو عرفة وفاتح عزام قد ابتدعا شخصية مسرحية اسمها "نخلة الشبر" واتفقنا معهما على اعتمادها كشخصية رئيسية لحملة القراءة وقام الرسام جميل القيق من غزة بابتداع الشخصية على الورق. انضم للحملة عدد من الشباب المهتمين بالتطوع فيها وصرنا نفكر معهم ما يمكن عمله للشباب، فقررنا تكوين فرق النخيل وهي فرق الشباب المتطوعين في حملة القراءة حيث في كل منطقة يمكن تكوين فريق أو أكتر لعمل أنشطة محلية كون الحملة لا مركزية، فتكونت فرق الشباب المتطوعين، وبذات الفترة بدأنا بالتفكير بإعادة صفحة نخلة الشبر مع جريدة للأيام فحصلنا على صفحة أسبوعية وملحق شهري بالجريدة سميناه "يراعات"، وشكّلنا هيئة تحرير من الشباب والشابات الكتّاب السابقين في صفحة نخلة الشبر، ووضعنا قواعد العمل بشكل جماعي، واستمر عدد كبير منهم لاحقا بإدارة المشروع ومن ثم أصبحوا كتاب وناشطين مجتمعيين في أماكن مختلفة. هذا المشروع كان له جذور قوية واستطاع الاستمرار.

هل يمكن اعتبار "التعليم المجتمعي" في فلسطين امتداد لفكرة التعليم الشعبي التي كانت موجودة في فترة الانتفاضة الأولى، أم هو بديل عن حالة الترهل وضعف المكتبات في تلك الفترة ؟

يمكن القول أنه امتداد للتعليم الشعبي؛ عندما بدأت الانتفاضة بدأت فكرة التعليم الشعبي، ثم جاءت تسمية المؤسسة بمؤسسة تامر للتعليم المجتمعي أكتر منه كمفهوم شعبي، وقد كتب منير فاشه الكثير عن هذا الموضوع. وبالنظر للعقم المخيف في النظام التعليمي الرسمي ولأهمية نموذج التعليم الشعبي في فترة الانتفاضة الأولى حيث لم يكن هناك طالب ومعلم فقط، بل مجتمع حولهم أيضاً، فكان المجتمع مشاركاً في العملية بمن فيهم الأطفال، نبعت فكرة "التعليم المجتمعي" المرتبطة بعمل مؤسسة تامر منذ تأسيسها ولاحقا مع الملتقى التربوي العربي. وانطلاقا من هذا المبدأ تبلور مفهوم "المجاورة" إلذي خرجنا به من خلال لقاء مع الفنان المصري محيي الدين اللباد رحمه الله حين تحدثنا معه عن فكرة نقل تجربته لرسامين آخرين فاقترح تسمية عملية نقل المعرفة هذه "مجاورة" انطلاقا من فكرة مجاورة الشخص الذي تسعى للتعلم منه وعلى مبدأ "من جاور السعيد يسعد ومن جاور الحدّاد ينحرق بنارهّ"، فكانت فكرة إن تجاور شخصاً وتتعلم من خلال مجاورته، دون منهج معين ولا معلّم ولا متعلم، بل تجاور ينتج منه تعلّم بنّاء دون شهادة أو امتحانات أو مؤسسة تقرر نيابة عنك، لذلك، في التعليم المجتمعي قد نستطيع تخفيف ضرر النظام التعليمي. وحالياً يقوم الكثيرون بتنظيم مجاورات بحيث أصبحت الفكرة تنتقل بالعدوى الإيجابية وهذا مهم.

تأسست مؤسسة تامر قبل مجيء السلطة الفلسطينية، ما هي الظروف السياسية والاجتماعية في تلك الفترة والتي خلقت حاجة لوجود مؤسسة مثل مؤسسة تامر؟

بعد سنوات طويلة من الاحتلال الاسرائيلي نمى وعي لدى الناس بالحاجة لأخذ زمام المبادرة من خلال العمل المجتمعي لتقديم الخدمات وتحقيق التطور والنمو في مجالات من بينها التعليم والصحة والزراعة والحقوق، فنشأت في تلك الفترة مؤسسات مختلفة من بينها مؤسسة تامر ومؤسسة الحق والإغاثة الزراعية والإغاثة الطبية وغيرها. في البداية تأسست تامر كشركة غير ربحية في القدس حيث كان مقرها، ثم تم تسجيلها كجمعية فلسطينية بعد ان انتقلت إلى رام الله وبعد مجيء السلطة الفلسطينية.

كيف أثّر وجود مؤسسات للسلطة الفلسطينية على عملكم في المؤسسة؟

منذ تأسيس السلطة الفلسطينية كان هناك تعاون جيد مع وزارتي الثقافة والتعليم نتيجة وعي العاملين في كلتا الوزارتين بضرورة التعاون مع المؤسسات الموجودة على الأرض لتحقيق نتائج ملموسة وإيجابية. بالتالي تمكنا من الوصول للمدارس وإيصال منشورات المؤسسة لها والتي تصدر من وحدة نشر لكتب الأطفال في مؤسسة تامر، وهذا جعل إصدارات وعمل مؤسسة تامر يصل لعدد كبير. قد يكون الوقت الحالي فرصة سانحة ومناسبة لقياس أثر هذا العمل الذي بدأ قبل 29 عاما، وبشكل خاص حملة القراءة التي تدخل عامها السادس والعشرين. فمشكلة العمل الثقافي كالعمل المجتمعي العمل التربوي ان قياس أثرهما  لا يمكن إلا بعد سنين طويلة، 15 – 20 عاما على أقل تقدير، وقلة هي المؤسسات أو المشاريع التي تدوم لهذه الفترة بحيث نتمكن من قياس أثر عملها.

ماذا عن عملك بعد مؤسسة تامر وقبل الانتقال للأردن؟

تركت وظيفتي في مؤسسة تامر عام 1997، وبدأت العمل بشكل حرّ في تنظيم المهرجانات، كانت البداية مع مهرجان فلسطين الدولي سنة 1998، ثم مهرجان نوار نيسان، ثم سنة 1999 مهرجان أريحا الشتوي وكان لمرة واحدة فقط، حينها اكتشفت أهمية العمل مع البلديات، فلدى البلديات إمكانيات هائلة أهمها الموارد البشرية. وفي ذلك الوقت كان رئيس البلدية متعاونا جداً، وكان التنقل أكثر سهولة، وبدعم من وزارة الثقافة تمكنا من استضافة الفنان المصري المعروف هاني شاكر للمهرجان، وقمنا ببيع التذاكر عن طريق الإذاعات المحلية وكان عددها فقط 6-7 إذاعات ومولنا المهرجان بشكل رئيسي من خلال دخل تذاكر هاني شاكر. شارك في المهرجان عدد كبير من الفرق المحلية والرسامين المحليين والدوليين كان أحدهم من اليابان، وشارك 5 فنانين فلسطينيين في رسم جداريات كبيرة في أريحا، إضافة لعروض الغناء والدبكة وأنشطة للأطفال وعروض أفلام.

ما هو دورك في تأسيس الملتقى التربوي العربي؟

كانت فكرة الملتقى استمرارا لذات النهج الذي بدأه منير فاشه ويركّز على التعلّم ولكن على الجانب المجتمعي في عملية التعلّم، وكان التفكير أن يكون على مستوى عربي، بدأت الفكرة عام 1998 وكان منير في جامعة هارفارد في حينه، حيث نظم لقائين الأول في بيروت والثاني في عمّان، وكان يركز على التعرف على المبادرات الملهمة في العالم العربي للبدء بما هو موجود والانطلاق منه. شاركت في اللقاء الثاني وفي عام 2000 اتفق معي منير على تأسيس المكتب الإقليمي للملتقى في عمان وهكذا كان. قمنا بتسجيل الملتقى كجمعية فلسطينية سنة 2005 وسنة 2006 بالأردن كشركة غير ربحية.

بداية، اشتغلنا على البحث عن المبادرات الملهمة في العالم العربي، فسافرنا بحثا عنها إلى بلدان عربية مختلفة من بينها تونس، ولبنان والمغرب، ومصر، وكنا ننظم لقائين كل عام، لقاء إقليمي ولقاء عربي، لإتاحة الفرصة للمبادرات ليتعرفوا على بعضهم البعض وبناء أطر للعمل المشترك. سنة 2004 ونتيجة لهذه اللقاءات والبحث قررنا أن نستمر بمسارين؛ الأول هو التركيز على مركزية الحكاية، فما يربط بين تشجيع القراءة والتعلم هي الحكاية. والجانب التاني هو العمل مع الشباب والمبادرات الشبابية. في عام 2006 أسسنا صندوق سفر لتجوال الشباب العربي بإدارة هيئة إدارية من الشباب من 8 دول عربية، كانت نتخذ القرارات بالتصويت الإلكتروني وبالاجتماع مرتين سنوياً، إضافة للقاءات الإقليمية للشباب. وفي نفس العام بدأنا بمشروع وشبكة حكايا وهو أيضاً شبكة من الأفراد والمؤسسات المنشغلين بموضوع الحكي في العالم العربي وأوروبا، وفي عام 2007 نظمنا أول مهرجان حكايا في مسرح البلد في عمان، وهذا العام كان المهرجان في دورته العاشرة. عندما بدأنا لم نجد إلا قلة من الحكواتيين في الأردن والبلدان المجاورة، أما الآن فقد أصبح هناك عدد كبير من الحكواتيين المحترفين وشبه المحترفين وكلهم شغوفين بإبداع الحكايات وطرح صورة معاصرة لحكواتي اليوم. فرقة الورشة في مصر هم أحد شركائنا، وبعد الثورة في مصر اشتغلوا على الحكي كأساس للمسرح فحكوا صوت الناس من خلال أخذ حكايا الناس ووضعها على المسرح، فوجدوا جماهير كبيرة وصارت الناس تقدر هذا الفن أكثر. إضافة إلى عملنا على بعض الأبحاث المتعلقة بموضوع الحكايا وسيتم نشرها قريبا.

هل تعتبرين أن تجربة الملتقى العربي في موضوع التعلم خلقت نمطاً جديداً من التعلم، أين برأيك النجاحات وأين الإخفاقات؟

من الصعب وصف النجاح أو الفشل لأن الأمر يعتمد على المنظور، وعلى تعريفنا لهما. ويمكن للفشل أن يكون نجاحا من زاوية أخرى والعكس صحيح. لكن يمكن أن نلحظ تجليات نجاح مشروع سفر على سبيل المثال من خلال كم الناس الذين أصبحوا مهتمين بموضوع السفر كوسيلة للتعلّم، أو الأفراد والمبادرات المهتمين بمفهوم المجاورة وتطبيقاتها، وهذا بالنسبة لنا الأهم.

في بدايات الملتقى التربوي العربي بدأنا بفكرة مشروع اسمه "قلب الأمور" كانت فكرته الرئيسية إنه الناس يعبروا عن نفسهم كتابة، لكن لم تكن الفكرة واضحة أمامنا حتى فاجأتنا مجموعة فتيات أعمارهم من 16-17 سنة فأرسلوا لنا مجلة قاموا بإصدارها بأنفسهم. كانت مجموعة "قلب الأمور" هنا في بالأردن يريدون الحصول على ترخيص لعمل مجلة واعتبروا ذلك عائقا حتى اقعتنعوا بأن القانون لا يمنع صدور نشرة لمرة واحدة فقاموا بجمع كتاباتهم ووضعها في مجلة وإصدارها وتوزيع 100 نسخة منها في مؤتمر لليونيسيف، فصار الناس يصدرون مجلات "قلب الأمور" في كل مكان، لكن بعد سنوات توقفت المبادرة لأن الشباب يكبرون وينتقلون لاهتمامات أخرى كما هو حال الملتقى إذ تحورت الفكرة واصبح لها تجليات أخرى في مشاريع الملتقى. البعض اعتبر أن هذا فشلا وأن المشروع نفسه يجب أن يستمر، والبعض الآخر اعتبر بأن استمرار المشروع قد يكون هو الفشل لإن الأساس هو انتشار الفكرة واستمرارها بأشكال مختلفة بدلا من البقاء حبيسة شكل واحد جامد.

إذا كنا سنقيس النجاح بمقدار انتشار المشروع وتبنيه من قبل أشخاص آخرين يمكن أن نعتبر هذه الرحلة ناجحة. فمثلاً في مشروع "سفر" كنا في البداية نقدم منح سفر لكننا لم نرغب يوما ان نتحول إلى مؤسسة مانحة، فبدأنا نركز على تأسيس صناديق سفر محلية، وتحمس عدد من الشباب والشابات من فلسطين ممن شاركوا في أنشطة مشروع سفر وأنشأوا نسختهم الخاصة من "صندوق سفر" سموها "تجوال سفر" ونمت الفكرة معهم بشكل طبيعي وتلقائي وحيوي. بالنسبة لي هذا نجاح، نجاح للفكرة. أما الفشل فهو أننا لم نستطع الوصول لأماكن أخرى، للأسف لا يوجد مكان تكررت فيه تجربة فلسطين مع كل محاولاتنا لتكرار ذلك في الأردن أو على المستوى العربي. الفكرة أن تستمر المبادرة بمبادرة من الأشخاص أنفسهم. نحن في تجاربنا سواء في مؤسسة تامر أو الملتقى التربوي، ركزنا على تصميم المشروع بشكل يحقق له النجاح والاستمرار، نبدأ بتلمس طريقنا دون أي قيود ليخرج لنا المشروع بشكله النهائي بعد التفكير فيه كثيراً، كما ونضع جهداً أيضاً في توثيق هذه التجارب، وذلك حتى تبني الناس على هذه التجارب وتستفيد منها.

ما رأيك بعمل الشباب المجتمعي في فسطين حالياً وكيف يمكن للسياسات الحكومية أن تعززه؟

أعتقد بأنه طالما التعليم مقتصر على المدارس، وطالما وزارة التربية والتعليم تعتقد أن التعلم هو فقط ما يحدث في المدارس والجامعات سنبقى أمام طريق مسدود. وزارة الثقافة لا تتوفر لها ميزانيات كافية، ووزارة التربية والتعليم لديها ميزانيات لكنها فقط لبناء المدارس ودفع رواتب المعلمين والإداريين، كان هناك محاولات عديدة عبر السنوات للتأثير على التعليم وتطوير مناهج جديدة لكن أغلب إن لم يكن كل هذه الجهود ذهبت أدراج الرياع لغياب قرار سياسي واضح وجريء للتغيير الحقيقي.

بخصوص السياسات الحكومية أعتقد أن افضل سياسة يمكن ان تنتهجها الحكومة تتمثل في توفير مساحات للشباب والمجتمع ككل لكي يبدع ويجد طرقا جديدة للتعلم والحياة. هذا يشمل رعاية ودعم المبادرات الشبابية والمجتمعية بدلا من فرض الضغوطات والمتطلبات الإدارية والقانونية عليهم، وتسهيل إجراءات التسجيل خاصة للمجموعات الشبابية.

كونك عملت في فلسطين وتعملين الآن في الأردن، كيف ترين الاختلاف بين البلدين فيما يتعلق بدور المجتمع المدني؟

في فلسطين نشطت المؤسسات قبل مجيء السلطة الفلسطينية، بالتالي نجد ان صوتها اقوى. أما في الأردن فإن عمر المؤسسات الأهلية صغير نسبيا بالتالي نجد انهم اقل تنظيما. ومما يميز أجواء المجتمع المدني في الأردن وجود  مؤسسات كبيرة برعاية ملكية تنشط في المجال المجتمعي بكافة أشكاله وتقوم ببرامج وأنشطة متميزة، إلا أنها تعمل وفقا لقانونها الخاص بحيث لا تحكمها نفس القوانين التي تحكم الجمعيات أو الشركات غير الربحية مما لا يحقق توازنا في شروط العمل، خاصة وأن الجمعيات تواجه ضغوطا كبيرة تؤثر على عملها. رغم ذلك هناك مبادرات رائعة في الأردن تستفيد من انفتاحها على العالم العربي والعالم ككل وهناك تواصل بين المؤسسات الشبيهة في الأردن وفلسطين للبناء على المعرفة الموجودة في كلا المجتمعين المتشابهين إلى حد كبير.


أضف بريدك هنا لتصلك نشرتنا البريدية.