تقييم عمل مجموعات السياسات الثقافية العربية... توصيات وفرص. بقلم الباحثة الأكاديمية والخبيرة ميلينا دراغيفتش سيستش
Sep 2015بقلم الباحثة الأكاديمية والخبيرة ميلينا دراغيفتش سيستش
طلبت مني مؤسسة المورد الثقافي مؤخراً إجراء تقييم لعدد كبير من مجموعات السياسات الثقافية العربية، كجزء من برنامجها المخصص للسياسات الثقافية. يهدف البرنامج إلى تحسين شروط التعبير الثقافي وتحسين أوضاع الفاعلين في القطاع الثقافي، بالإضافة إلى تقوية البنية التحتية المخصصة للتنمية الثقافية في عشر دول عربية هي الأردن وتونس والجزائر وسوريا وفلسطين ولبنان ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن.
وفي سياق التقييم، تفحَّصت ملامح تكوين المجموعات وعملها وقدرتها على إنشاء شبكات من العلاقات وغير ذلك من المعلومات الهامة حول طريقة عمل المجموعات. وتهدف استنتاجاتي إلى تقديم نصائح أساسية للمجموعات، على أمل أن يقودهم تطوير هذه الهيكليات إلى العمل بكفاءة أكبر والوصول إلى أهدافها العليا.
من هنا أقترح مجموعة من التوصيات في مجال الحوكمة والمشاركة. أولاً، أشجّع على استخدامٍ أكبر لصيغ الشراكة، حيث يمكن للمجموعات أن تتعاون مع المنظمات المحلية ذات الصلة، أو مع القادة القادرين على التأثير. فمن شأن هذا أن ينشئ قواعد معرفية أكبر، ويوسع شبكة الفاعلين الثقافيين محلياً ودولياً. ثانياً، أوصي بوضع أحكام لاختيار المشاركين في المجموعات كي لا تتحول المجموعات إلى عدد قليل من الأفراد ذوي التوجه الواحد، ما يهدد بعزل قطاعات أخرى من المجتمع المدني. ثالثاً، يجب تأسيس هيئة استشارية عالمية، بحيث تتضمن مسؤولياتها الأساسية التنسيق على مستوى المنطقة، وفتح حوار دولي يهدف إلى المزيد من التواصل والتعاون، ولا سيما مع مجموعات مشابهة في أوروبا وآسيا وإفريقيا. كذلك، على الدول العربية الفرانكوفونية العديدة أن تستفيد من صلاتها مع الدول الفرانكوفونية الأخرى، التي يمكن الاستفادة من السياسات الثقافية المختلفة فيها كنماذج للعمل في المستقبل.
أما فيما يخص تقوية المجموعات ذاتها، فيجب أخذ أهمية تعيين خبراء من مجالات أكثر تنوعاً بعين الاعتبار، ومن تلك المجالات القانون والاقتصاد والتعليم والكثير غيرها. كما يجب رعاية البحث الأكاديمي المضبوط. فمن خلال دعم طلاب الدكتوراه والباحثين والعمل معهم وتقديم صيغ التدريب لهم، ستتمكن المجموعات الوطنية من تنويع جهودها وصياغة وجهات نظر أصيلة، وبالتالي تنمية التركيز الاستراتيجي. من شأن هذا أن يؤدي إلى تلبية المزيد من الاحتياجات المحلية، بما فيها مشكلات الرقابة وحرية التعبير في الدول التي تعاني من هذه المشكلات حالياً.
إن مسألة تسمية المجموعات مُربِكة إلى حد ما. فهذه التسميات تمنع المجموعات من الترويج لنفسها، وتقديم أوراقها البحثية للمجموعات الفكرية، والارتباط بهيئات أخرى في المنطقة والعالم. يجب معالجة هذه المسألة بأسرع ما يمكن، كي تتمكن المجموعات من المضي قدماً، والأسماء الرمزية البسيطة القابلة للاختصار في أحرف، والتي يسهل التعرف عليها، هي الأسماء المثالية.
كان التقييم ناجحاً، إذ تم التوصل إلى معلومات هامة حول عمل المجموعات. بتنفيذ هذه التوصيات، تصبح فرص الإنجاز غير محدودة. على سبيل التلخيص، مستقبل أبحاث وتنمية السياسات الثقافية في المنطقة العربية واعد. ولكن هذا، للأسف، لا ينطبق على الدول المنكوبة بالحرب والصراعات الداخلية، حيث يواجه العاملون في مجال السياسات الثقافية خطراً مباشراً.