الجزائر: توزيع بطاقات خاصة للفنانين للمرة الأولى في الجزائر وجدل حول المعايير
Feb 2015بعد مرور عام كامل على المصادقة على المرسوم التنفيذي المتعلق بالحماية والخدمات الاجتماعية للفنان والمؤلف في الجزائر، دخل المرسوم حيّز التنفيذ عندما قامت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي ليلة يوم الأحد 15 شباط/ فبراير 2015 في الجزائر العاصمة بتوزيع أولى البطاقات المهنية للفنان لحوالي 30 فناناً خلال حفل رمزي حضره عدد كبير من الفنانين والمؤلفين قدموا من مختلف أنحاء البلاد.
وتسمح هذه البطاقات للفنان الجزائري بالانخراط في الضمان الاجتماعي وتصنيف العمل الفني كمهنة، وقد رأت الوزيرة أن هذه المناسبة هي: "فرصة للتأكيد على موقف الحكومة فيما يخص حماية الفنانين باعتبارهم عمالاً مستقلين بدون أجرة. فهو مرحلة أولى في قانون الفنان"، مضيفة أن قانون الفنان هو بمثابة "سلسلة من القرارات تتعدى البطاقة إلى ورشات أخرى سنعمل عليها مستقبلاً في إطار التشاور مع الفنانين على غرار عقود العمل التي ستسمح للفنان بالاشتراك في الضمان الاجتماعي ومنحة التقاعد الاجتماعي للفنانين الذين تجاوزوا سن التقاعد، بالإضافة لتأسيس صندوق تضامني يرافق هؤلاء العمال المستقلين عندما يكونون في حاجة".
ويحدد للمرسوم التشريعي رقم 14-69 الذي ورد في الجريدة الرسمية السنة الماضية أساس ونسبة الاشتراك وأداءات الضمان الاجتماعي التي يستفيد منها المؤلفون والفنانون المأجورون على النشاط الفني و/ أو على التأليف، بصفتهم فئات خاصة من المؤمن لهم اجتماعياً، إذ يحق للفنان وللمؤلف بموجب هذا المرسوم الانتساب إلى صندوق الضمان الاجتماعي.
ووسط استحسان الفنانين الجزائريين لهذه الخطوة التي "طال انتظارها" كما يرون، تعالت بعض الأصوات التي تنتقد المعايير التي يتضمنها المرسوم لإضفاء صفة "الفنان" ومن تلك المعايير "تقييم تواجد الفنان بالميدان"، وسط غياب الوسائل والإمكانيات التي تسمح بقياس وتحديد قيمة الفنان الجزائري من جهة، ومع وجود عدد كبير من الفنانين الذين عملوا لسنوات طويلة دون القدرة على إبراز نتاجهم بالقدر الكافي نظراً لأسباب عديدة من جهة ثانية.
ويرى بعض المراقبين والمعنيين أن وزيرة الثقافة قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في النص التشريعي الذي يحدد طرق الحصول على البطاقة. فالمرسوم، وفقاً لمادة منشورة على موقع نفحة الالكتروني، لم يحدد الجهة المختصة بمنح الفرد صفة فنان أو مؤلف، وترك الباب مفتوحاً على التأويلات، مختصراً الأمر بتعبير: "وثائق تثبت صفة فنان و/ أو مؤلف"، وجاء في المادة الثانية من المرسوم نفسه بكثير من التعميم: "يقصد بالفنان أو المؤلف كل شخص يبدع أو يشارك بعمله الفني أو الأدبي أو التقني في إبداع أو إنجاز عمل أو منتوج فني أو في أدائه أو في تنفيذه، بأي صفة كانت، وعلى جميع الدعائم".
إن عدم الدقة في تحديد تعريف الفنان والمؤلف يثير كثيراً من التساؤلات ويفتح باب المضاربات في الآراء. هذا ما يراه الخبير الثقافي وعضو المجموعة الوطنية للسياسات الثقافية في الجزائر د. عمار كساب والذي عبّر عن استغرابه لما جاء في المرسوم، ووصفه بغير المنطقي، بحكم أنه لا يحدد تعريفاً دقيقاً للفنان، مما سيصعب مهمة تطبيقه، ويعتقد المتحدث نفسه وفقاً لتصريحه للموقع ذاته، أن وزارة الثقافة ستجد نفسها في الأيام القادمة، في مواجهة سيل من طلبات الفنانين، والتي ستتعدى ربما آلاف الطلبات، وتجد نفسها غير قادرة على الاستجابة لها كلها، فالدكتور كساب يشير إلى موضوع توفير ضمان اجتماعي للفنانين والمؤلفين باعتباره واحداً من القضايا الشائكة بالنسبة للإحضائيين، وليس من المعقول التعامل معه بتسرع. في المقابل، هو يبارك هذه الخطوة من حيث المبدأ لما تحمله من إيجابيات لصالح الفنان والمؤلف، وما توفره لهم من حماية اجتماعية هم بحاجة إليها، لكنه لا يخفي قلقه من إمكانية نفاذ بطاقات الفنان سريعاً، أو توقف العمل بها قريباً بسبب ما يرافق الآلية من عدم وضوح تنظيمي.
ويذكر أن عملية التوزيع التي بدأت في العاصمة سوف تتسع على المستوى الوطني انطلاقا من تيزي وزو ثم بجاية فقسنطينة فعنابة، لتشمل لاحقاً كل الولايات حيث ستستمر هذه العملية التي ستشمل 1000 بطاقة إلى غاية نهاية شهر آذار/ مارس المقبل.